الفاعلون في تدبير التنمية المحلية (الحلقة رقم 2 )

هيئة التحرير20 مارس 2022آخر تحديث :
الفاعلون في تدبير التنمية المحلية (الحلقة رقم 2 )

تستلزم وضع استراتيجية التنمية، تحديد الفاعلين المتدخلين في التراب المستهدف، وهذا التحضير هو الذي يمثل المرحلة الاولى لبرامج التنمية، يعني الدراسات التي يجب ان يشملها المشروع المتوقع انجازه، كتحديد اهداف المشروع، تعبئة الفاعلين، التنسيق والبرمجة التشاركية، ثم تقييم الانشطة.

اذن؛ فتواجد الفاعلين فأي مشروع تنموي يعتبر امر مهم، لان الفاعلين الترابيين تكون لهم صلة مباشرة بالسكان، الا ان الفاعلين يتميزون بالتعدد والتنوع، حيث يصنفون الى سبعة أصناف: الفاعل السياسي، الفاعل المؤسساتي، الفاعل الاقتصادي، الفاعل الاجتماعي والثقافي، المنظمات غير الحكومية، الشبكات ثم الفاعل المالي، الا انه في بعض المجالات الحضرية لا نجد تدخل كل الفاعلين الذين تم ذكرهم.*1*

.التنمية المحلية : مفهوم لتنزيل توجهات التنمية على المستوى المحلي

  برز مفهوم التنمية بداية في علم الاقتصاد حيث استخدم للدلالة على عملية احداث مجموعة من التغيرات الجذرية في مجتمع معين بهدف اكساب القدرة على التطور الذاتي المثمر بشكل يضمن التحسن المتوازن في نوعية الحياة لكل الافراد بالعورة التي تكفل زيادة درجات اشباع الحاجيات الاساسية عن طريقي الترشيد المستمر للاستغلال الموارد الاقتصادية المتاحة وحسن توزيع العائدات واعتبار التنمية مسلسلا يعتمد على تفعيل كل الموارد و المؤهلات المحلية باعتبادها فاعلا مهما في صناعة التغيير*2* لتأسيس استراتيجية تنموية حقيقية وتهدف التنمية الى تقوية الاستعمال الامثل للثروات المتاحة وقد عرفتها الامم المتحدة بانها استخدام عام للوسائل وتعبئة المجهودات العامة و الخاصة بغية التواصل الى رفع المستويات المادية و المعنوية للمجتمعات المحلية و الوطنية و جعلها تشارك بفعالية في التنمية اوطانها .وترتبط التنمية المحلية بما هو اجتماعي و اقتصادي و ثقافي وهدفها هو تحقيق عدالة اجتماعية على جميع هذه المستويات وفتح الباب امام الجماعات و السلطات المعنية في المساهمة من اجل خلق تكامل وتوازن تنموي على جميع الاصعدة التي يمكن بها توحيد جهود المواطنين و الحكومة لتحسين الاحوال الاقتصادية و الثقافية في المجتمعات لمساعدتهم على الادماج ويرى محمد المولودي يان التنمية المحلية هي عملية مركبة وحركة اجتماعية تتوخى تحقيق المتطلبات الاجتماعية واتساع الحاجيات الاساسية لساكنة ما وبهذا فهي ليست عفوية بل منظمة ومخططة تهدف للاستقلال من وضع الى وضع احسن من سابقه نستنتج مما سبق ان التنمية المحلية توحي الى استراتيجية تنموية جديدة تنبني على مقاربة تنطلق من الاسفل الى الاعلى اي مراعاة الامكانات المالية و البشرية المتاحة محليا و الخصوصيات الثقافية و الاجتماعية للمجتمع المحلي لتحقيق التنمية المتوازنة وقادرة على تجاوز الاشكالات و العوائق المطروحة بمجال معين.*3*

المجتمع المدني  أدواره متعددة

    إن الحديث عن المجتمع المدني يطرح بالنسبة لنا قضية معرفية كبيرة وهي اننا نلتقي مع هذا التعبير عند ثلاثة مفكرين غربيين اساسين  : 

      ــ المحور الاول : هو المفهوم الهيكلي للمجتمع المدني والذي ينبني على اساس التمايز بين الدولة كتعبير عن سمو الفرد الى الكونية و المجتمع على اعتبار ان هدا المجتمع هو في حد ذاته بالنسبة لهيكل –مجموعة في المؤسسات التي لها وجود كذلك ككيان فالمجتمع المدني عند هيكل هو كيان يتميز عن الكيان الدولي 

      ــ اما المقاربة الثانية فنجدها عند جون لو الانجليزي و الدي يعتبر احد المفكرين الاساسين في الفكر الديمقراطي ومقاربة جون لوك للمجتمع المدني مقاربة متميزة جيدا وان كانت غير معروفة لدى عديد من الباحثين باستثناء الباحثين في تاريخ الفكر السياسي ويعتبر جون لوك ان المجتمع المدني هو مجتمع المدينة بالنسبة اليه هو مجتمع التحضر و التحضر القانون في علاقة الافراد بعضهم بعض .

فالمجتمع المدني عند جون لوك يختلف عن المجتمع الساسي لكن مجتمع الدولة لكونه تعرض القانون كمعيار ومرجعية لتنظيم العلاقات الاجتماعية بين الناس و المجتمع المدني هنا هو مجتمع القانون على اساس ان القانون هو ضمان للحرية لا محد لها .

فعل المقاربة التشاركية

يمكن تعريف المقاربة التشاركية تفكيك وحداتها فحم انها مقاربة فهي عبارة عن مجموعة من الخطوات التي تؤدي الى شيء ما او القرب منه وهي مجموعة من الخطوات العملية التي تمكن من اشراك اطراف معينة للوصول الى اهداف او نتيجة امر فيه اجماع الطرفين المشاركين في هذه المقاربة وهي عملية تمكن الفاعلين الجمعويين من جعل الساكنة المحلية قادرة على جعل المسؤولية وفي بلورة وسير جميع الانشطة التي تستهدف التنمية وسعهم المحلي . كما نها منهجية تضم مجموعة اولويات تسعى من خلالها الى احداث تغيير في أدوار كل المتدخلين في تسيير اي مشروع تنموي . *4*

وتعتبر المقاربة التشاركية نتيجة لنوع من التطوع الدي عرفه استعمال مفهوم التنمية وما تخللها من مقاربات والتي كرستها المدنيات التنموية .

منذ سبعينات القرن الماضي وهذا النبوغ زكته التقارير التنموية في العالم خاصة تقرير برنامج الامم المتحدة للاستناء لاقتصادي و الاجتماعي عام 1990 حو
ل التنمية البشرية بالاضافة الى ذلك نجد العديد من المؤتمرات التي روجت لهذاالمفهوم نجد مؤتمر ريوجول حول البيئة بين 1992 ومؤتمر كوبنهاكن حول التنمية الاجتماعية سنة1995 ومؤتمر القاهرة حول السكان سنة1996 ومؤتمر المدينة باسطمبول عام 1998 ومن اتخدت هذه المقاربة سندها من الظهور في مختلف البرامج والمشاريع بل صارت الاساس المعتمد في صياغة وبلورة هده المشاريع الا انا هدا الاعتماد تشوبه بعض المعيقات تحد من فعالية هده المقاربة وتعتمد المقاربة التشاركية في اعتمادها على مرحلتين :*5*

مرحلة تحليل موقع التدخل عبر جميع المعطيات الضرورية لتجديد اولويات مجتمع التدخل واشراك افراده ؛

مرحلة ثانية مندرجة وتفاعلية تقوم على التدبير التشاركي لكل العناصر مع اعتماد نظام للتتبع و التقويم قائما على مؤشرات موضوعية كما انها تعتمد على العديد من التعينات كتجديد المجموعة واعتماد تقنية العصف الذهني واعتماد على تعبئة بطاقة لكل فكرة اضافة الى مقاربة نتائجها الحوار بين الايجابي و السلبي بين الاهم والمهم بين المستعجل وغير المستعجل ؛*6*

نستتج الاخير ان القانون التنظيمي اعطى مكانةمتميزة للجماعات الترابية في إطارالتدبير الحرالذي اعطاها سلطة التداول بكيفية ديمقراطية وسلطة تنفيذ مقراراتها ومداولاتها مع صلاحيات التعاون فيما بينها ،وفي مجمل القول أن الجماعات الترابيةلم يعد لها وجود قانوني ومؤسساتي فخسب بل أصبحت كيانا ترابيا له وجود مادي بفعل التطورات المتلاحقة التي عرفها المغرب ،حيث أصبحت تلعب ادوارا تنموية ،كل هذا حتم عليها الاهتمام بالتخطيط الاستراتيجي والتنموي وفقا لقواعد علمية تنبني على الرؤية الاستراتيجية والتشخيص التشاركي وتعبئة الموارد والتقييم والتتبع وترتيب الأولويات ،غاية منها لعب دورمركزي ومحوري في صناعة الفعل التنموي المحلي.

الفاعلون في التنمية المحلية

كانت عمليه التنمية في الاطار العريض للفكر الاشتراكي الماركسي باعتبارها تنمية اقتصادية هي قوة الدافعة، تقوم على مفهوم التحول الهيكلي من خلال محوريه القطاع الصناعي والتعميق الصناعي التكنولوجي، انطلاقا من مفهوم تكرار الانتاج الموسع وبالتالي الدور الاساسي لعمليه تراكم راس المال وتضخيم الادخار وتوسيع نطاق الاستشارات المنتجة ثم تحقيق التنمية بهذا المعنى فهي التخطيط القومي الشامل للطابع المركزي الذي يستخدم الخطة كأداة تكاملية ملزمة لتحقيق اهداف التحول الهيكلي التصميمي وما يرتبط به من سياق اجتماعي في ظل الملكية العامة او السيطرة العامة على ادوات الانتاج قطاع العام والتعاونيات.

ورغم الاختلاف بين السياق الخبره السوفياتيه القائم على المفهوم المدني الحضري وفق مسار التحديث الذي ترعاه الدوله وعلى قدر من الامركزيه في تطبيق الخطط التنموية الا انه يظل من الصحيح انه لم يتم ادماج البعد الاجتماعي التنمية المحليه بعنقه الكامل في عمليه التخطيط ومنظومه البعد الاقتصادي بشكل عام هذا كله عن الفكر الاشتراكي واما فيما يتعلق بالفكر الاقتصادي الرأسمالي فقد ترك بصماته القوية على نظريه التنمية الناشئة من خلال مفهوم ما يزال لهما دور الظاهر حتى الان برغم التطورات الجذرية في مسار التكوين الفكري لتلك النظرية وهما المطابقة بدرجات متفاوتة بين النمو والتنمية من جهة اولى واعتبارها مسار التطور الاوروبي والغرب عموما هو المسار الطبيعي.

وربما الامثل الذي ينبغي ان تمر به البلدان الساعيه الى التنمية في افريقيا واسيا وامريكا اللاتينيه في ما يطلق مسار التطور الخطي بين التنمية والتدين وتم التعبير عن المفهوم الاول من خلال الرافدين المختلفين للفكر الاقتصادي الراسمالي عقب الحرب وهما التيار الكيتيري وبالاخرى ما بعد الكسر تيار اتباع كينز التيار التقليدي المحدث تيار الكلاسيكيين الجدد علما بانه جرت محاوله للتوفيق بين التيارين في السبعينات والثمانينات من خلال الصيغه المسماه التركيب الكلاسيكي الجديد.

اما المفهوم الثاني فقد عبرت عنه نظرية مراحل النمو التي قدمها والت ويتمان روستو وتبلورت مفاهيم عقودية متنوعه حول النمو والتنمية ومراحل النمو قام بها اعلام للفكر الاقتصادي الغربي وهكذا فقضيه التنمية على المستوى المحلي موقعا مهما في ابحاث العلوم الاجتماعية وان لم يكن متناسبا مع اهميتها هذه القضية نفسها ويتضح ذلك التطور لنظريه التنمية خلال نصف القرن الماضي على العموم وعوده الى المسار التاريخي نلاحظ من القرن محاوله كبيره لبناء نسيج متكامل لنظريه قائمه على ثلاث دعائم متاثره بمناهج التفكير الاشتراكي المدفوع بمفاهيم الفائض الاقتصادي والتراكم والتصنيع والفكر الكثيري القائم على التنمية بجانب الطلب او المخلق محليا عبر تصنيع بدائل المستوردات وتلك الدعائم الثلاثه هي التحول الهيكلي باتجاه بناء اقتصاد صناعي والدفعه الاستثماريه القوية.

واخيرا في كاس التنمية المتوازنه لقطاعات اقتصاديه متضافره التي تبناها الاقتصادي السويدي الكبير نيركس وذلك مقابل فكره التنمية غير المتوازنه انطلاقا من القطاع القائد او الرائد للمسيره التنموية.

ان هذا البناء الكلاسيكي الضخم لنظريه التنمية الجديده بتعبير ادق دعائم الصرح الجديد مع متا
ناتها وابداعاتها سيطر عليه الطابع التعميمي للكيان المجتمعي البعد الاقتصادي على المحور المركزي فلم يكن تم تدور يذكر للقوى الاجتماعية انما فرع جديد للشجره الفكرية التنموية من جانبين الجانب الاول هو ما يمكن ان نطلق عليه فكر النظام الاقتصادي العالمي الجديد الذي تبث بغزاره من حول الدعوه الى نظام اقتصادي عالمي جديد منذ اواسط السبعينات الى اوائل الثمانينات وابرز المفاهيم الجديده على هذا الجليل الاحتياجات الاجتماعية يقف هنا في مواجهه المفهوم الاشتراكي الكينزي الذي ثبتت عدم كفايه مفاهيمه االاقتصادية ولا مركزيه والتخطيطية المتعاليه على الجماعات الاجتماعية ثم الاعتماد على الذات على جميع المستويات واخيرا التكنولوجيا الملائمه بشكيله متنوعه تتكون من تكنولوجيا اجنبيه يجري نقلها وتطويرها وتكنولوجيا الداخليه ومحليه يجري ايقاضها من غفوتها وتجديدها في سياق تراثي حضاري اما الجانب الثاني للفكر الجديد في السبعينات والثمانينات فهو الفكر العالم الثالث الذي قاده رواد مدرسه التبعيه من امريكا اللاتينيه وفرنسا والوطن العربي مثل اوزفالدو وهو نكل وسلسو فرناندو واندربه جوندرفرنك وسمير امين وقدم مفهوما جديدا متحورا حول مقاومه نتائج التبعيه الاستعماريه على المجتمع مثل التهميش والاستلاب الحضاري وليس الاقتصادي فقط ودوره العوده الى الجذور وكان من الطبيعي ان ياخذ البعد المجتمعي تقله وعمقه الكامل في البناء الفكري الجديد ولكنه كان بناء ذا طابع دفاعي اي مركزا على النقد ومواجهه الضد اكثر منه بناء يعالج التفاصيل فلم نجد اثرا قويا لما كان يجب ان يكون في الثمانينات والتسعينات برزت عناقيد فكريه تواجه تبيعات التعثر الذي كانت تواجهه قوى الاشتراكيه ودعاه اقامه نظام عالمي جديد وانصار مقاومه التبعيه ورواد نماذج التنمية الوطنيه القائم على الاتجاهات الشعباويه وعلى تصنيع و الاحلال محل الواردات وكانت تجارب التنمية المستدامة الجديده السريعه على اساس التوجه التصديري في شرق اسيا والشرق الاقصى قد اخذت تاتي اكلها بينما غرقت البلاد الناميه الاخرى في الركود وفي مصيده الديون وتقدم صندوق النقد الدولي ومعه البنك الدولي عن النظام الراسمالي العالمي الذي استرد عافيته بعد ازمه التضخم الركودي لسبعينات واخذ في مصارعه المعسكر السوفياتي في معركه حتى الرمق الاخير انتهت بسقوط الاتحاد السوفياتي نفسه في مطلع التسعينات حينئذ قامت الدول الراسماليه الصناعيه المتقدمه وتحرير الاسواق الدوليه من جهه الاولى والتركيز على بناء القدره التنافسيه القوميه على المستوى الوطني من جهه ثانيه وخاصه في الولايات المتحده الامريكيه خلال ولايه كلينتون وحين وحين اذ ايضا نهضت الشركات عابره الجنسيات التي اصبحت دعاه التنافسيه الجديده وطنيا وعالميا واستثمرت في التكنولوجيا داخليا تكنولوجيا متطوره جدا ومده مظلتها لنقل الصناعات الاقل تطورا نسبيا من ناحيه التكنولوجيه وخاصه الى شرق اسيا والصين وعلى جناحين من قوه الدوله الصناعيه وعافيه الشركات العالميه مضت المنظمات الدوليه قديمه الصندوق والبنك وجديدها منظمات التجاره العالميه تعالج الديون وتعيد هيكله الاقتصادات الراكده ببرامج التكييف الهيكلي وخاصه في افريقيا جنوب الصحراء وغرب اسيا وشطر من امريكا الوسطى والجنوبيه وحين اذ لم تعد قضيه التنمية الاساس و لكن تحقيق قدر من التقدم على طريق مكافحه الفقر والتنمية البشريه وهنا اثيرت ادوار الجماعات المحليه في هذين الميدانيين بالتحديد في اطار العولمه في مواجهه كل ذلك برزت في مطلع الالفيه الجديده نقائض العولمه من خلال حركات مناهضه العولمه والبحث عن البدائل وظهرت قوه المنظمات غير الحكوميه عالميا وقطريا هيئات المجتمع المدني وانطلق الناشطون مستخدمين ادوات الانترنت دعوه وعملا للتحرك على الاصعده كافه وخاصه من اجل تنميه المجتمعات المحليه وقد توفرت ادبيات غزيره من جراء هذا التحرك النشيط.*7*

إعداد :عبد الواحد بلقصري 

باحث قي مركز الدكتوراه مختبر بيئة.تراب.تنمية بكلية العلوم الانسانية والاجتماعية بجامعة ابن طفيل 

لائحة المراجع والهوامش :

1- T .HOBBES ;levrithon traduction François tricoud (paris ED SCERY 1976 PAGE 125)

2- نفسه

3- نفسه

4- نفسه

5- اوعدي ابراهيم، 2015: الفاعلون المحليون ورهان التنمية المحلية بجهة كلميم السمارة، ص 75.

6- نفسه

7- نفسه

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة