بقلم : أحمدو بنمبا
لعل العقلاء في كل زمان و مكان هم الذين يتمتعون بالحرية المسؤولة أمام الإنسانية والدين والتاريخ ، ولذلك فإنهم يبغضون أعمال مسيئي التصرف الذين يجب أن يحجر عليهم في كل زمان ومكان لما يحدثونه من الأذى والضرر والإفساد في الأرض ونهش أعراض الأشخاص بغير وجه حق، سواء كانوا أحياءا أو أمواتا، و إذا كان هذا مما يجب ألا يقع في الناس العاديين فكيف بالأولياء الصالحين وعلى رأسهم الشيخ “سيدي أحمد الرقيبي” ، بإعتباره أحد الرموز الدينية التي تعتبر من الثوابت الممنوع التهكم بها والإساءة إليها في المجتمع الصحراوي ، نعم يمكن مناقشة التاريخ الصحراوي على وجه الفكر والدراسة والتعرف سواء كان ذلك بالرضا أو عدمه ، أو بالتقويم الذي قد يحدد صاحبه ما يرتاح إليه ويقتنع به مما لا يميل إليه و لكن بشرط النزاهة الأدبية والشفافية الإنسانية والمروءة والاحترام المتبادل ، ولذا فإن الفيلم الوثائقي المسيء لرمز من رموز الصحراء المغربية ووليا من أولياء الصالحين ، يعتبر عملا منحطا أخلاقيا ومخالف للقواعد والأدبيات المتعارف عليها وطنيا لاسيما بالأقاليم الجنوبية للمملكة الشريفة ، إذ يعتبر وكما يبدو ، ضمن مسلسل للهجوم على الرموز الصحراوية ، والذي تصاعد الجهد عليه منذ مدة ، ولذا فإنه لا يعلق عليه بمعزل لوحده عن أهم ما جرى في هذا المضمار الخبيث ولأجندة من يتم إستهداف قبيلة من أكبر قبائل الصحراء المغربية ، وما أحدثته من ضجة ضخمة في المجتمع برمته جعل شيوخ وأعيان القبائل الصحراوية عموما تعبر عن إنكارها المبرر لضرورة صيانة الرموز الدينية من التناول السفيه وعدم السكوت عن هذه الأفعال باسم حرية التعبير والتفكير !
إن هذا الفيلم الوثائقي في نظرنا ، كان سببا مباشرا لأن تجتمع القبائل الصحراوية على كلمة واحدة ، لوقف زحف التطاول على الرموز الصحراوية ، فهذا التوحد والإنسجام ، بحد ذاته يعتبر شكلا من أشكال التضامن الإجتماعي والإصطفاف في جسم واحد إذا إشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ، تجاه كل من سولت له نفسه المساس برموز القبائل الصحراوية ، لاسيما أولياؤها الصالحين بداعي الحرية ، فحسب المواثيق الدولية وحقوق الإنسان التي ذكرت في مادتها أن الحرية تعني أي عمل لا يجرح الآخرين ولا يظلمهم وكذلك ما جاء في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فقد صرح بأن الحرية واجبات ومسؤوليات وتخضع لشروط وعقوبات حسبما تقتضيه المصلحة والأمن وحماية الآداب .
وأخيرا يبقى من الضروري محاسبة كل من تطاول بقصد او بغير قصد على أحد أهم الشخصيات الصحراوية ، أو حاول إنتاج أكاذيب غير الحقائق التي هي في الواقع ، إذ لا يجب أن يسمح لأعماله أن تنشر أو يترك صاحبها دون أن يحاسب ، فمن أخطأ في حق أمة بأكملها يجب أن يعاقب قانونيا وإجتماعيا .