في عالم تتنازع فيه الرواية العربية بين أسئلة الهوية والذاكرة والتحولات الاجتماعية، تأتي جائزة كتارا للرواية العربية كأكثر من منصة للتكريم؛ إنها فضاء لإعادة النظر في وظيفة النص الأدبي بوصفه أداة تفكير في الذات والجماعة والتاريخ. وفي دورتها الحادية عشرة، أعلنت المؤسسة العامة للحي الثقافي “كتارا” عن قائمة قصيرة تضم تسعة أعمال من أصل 923 رواية، بينها رواية الكاتب المغربي زين العابدين الكنتاوي، الموسومة بـ “أم الكردان.. سيرة البلاد والعباد”، في انتظار لحظة الحسم وإعلان الفائز.
كتارا… أكثر من جائزة
تتجاوز كتارا كونها جائزة أدبية لتصبح مشروعاً ثقافياً يروم النهوض بالرواية العربية وإبراز قدرتها على ملامسة القضايا الإنسانية الكبرى. فهي لا تكتفي بتقدير الإبداع مادياً، بل تفتح أمام النصوص المتوجة آفاق النشر الواسع والترجمة إلى لغات عالمية، ما يمنحها حضوراً كوسيط ثقافي عابر للحدود.
نص من صلب الذاكرة المغربية
في رواية “أم الكردان.. سيرة البلاد والعباد”، يقدم الكنتاوي نصاً يستحضر الذاكرة الجماعية للمجتمعات الصحراوية، ويتأمل تحولات المكان والإنسان وسط عالم سريع التغير. السرد هنا ليس مجرد حكاية، بل ممارسة فكرية تحاول القبض على معنى الوجود الإنساني في فضاء محدود ولكنه غني بالدلالات.
من حي التوامة إلى آفاق عربية رحبة
من حي التوامة بمدينة بيوكرى، حيث البدايات البسيطة والقراءات الأولى، إلى القائمة القصيرة لأحد أرفع الجوائز الأدبية العربية، يختصر مسار الكنتاوي حكاية عن قدرة الهوامش على إنجاب نصوص قادرة على مخاطبة القارئ العربي والعالمي على حد سواء.
الجائزة كمساحة لتجديد الخطاب الروائي العربي
في نهاية المطاف، ليست جائزة كتارا مجرد منصة لاختيار الأفضل، بل فضاء نقدي يعيد للخيال الروائي دوره كمختبر لتجديد الوعي العربي بذاته وبالعالم. وتأهل الكنتاوي، بما يحمله من حمولة سردية وفكرية، يمثل خطوة أخرى نحو إعادة صياغة أسئلة الرواية العربية: ماذا نكتب؟ وكيف نعيد سرد ذواتنا وتاريخنا في زمن تزداد فيه الحاجة إلى الحكاية؟