بقلم : الصغير محمد
في جهة الداخلة، أصبح المثل الحساني”اللي عتن على صاحبو اقجو” أكثر من حكمة شعبية؛ إنه وصف دقيق للصراعات الخفية التي تتسرب إلى كل الميادين. على مستوى السياسة، الاقتصاد، الثقافة، الرياضة، والقطاع الاجتماعي، كل فاعل مكحل كفو للآخر، يترقب اللحظة المناسبة لتوجيه الضربة القاضية، سواء عبر المناورات داخل الأحزاب، البرلمان، مجالس الجهات، أو في الإعلام المحلي والجهوي.
هذه المنافسة، رغم أنها غالبًا لا تطفو على السطح، إلا أن آثارها واضحة في قرارات التنمية، المشاريع الاقتصادية، وتحركات الفاعلين المحليين. كل تصريح، كل تحالف غير معلن، وكل خطوة في الميدان قد تكون جزءًا من خطة أكبر، استعدادًا للضربة الحاسمة التي قد تعيد تشكيل موازين القوة في الجهة.
الجمهور في جهة الداخلة لا يظل مجرد مراقب سلبي، بل يصبح لاعبًا غير مباشر في هذه المعركة، يساند هذا الطرف أو ذاك، ويتفاعل مع الأحداث أحيانًا عبر الإعلام الإلكتروني أو الفيسبوك ، مؤثرًا بذلك على ديناميات الصراع. المشهد يكشف عن تناقضات المجتمع بين الولاء الشخصي والمصلحة العامة، وبين ما هو ظاهر وما هو مخفي تحت طبقات المنافسة التكتيكية.
المثل “اللي عتن على صاحبو اقجو” هنا يتحول إلى إطار تحليلي لفهم واقع السلطة والنفوذ في جهة الداخلة. فهو يعكس ليس فقط التنافس الفردي، بل طريقة تشابك المصالح في مختلف الميادين، وكيف يمكن للصراعات الخفية أن تشكل مسار الأحداث قبل أن تصبح عامة ومرئية.
في النهاية، يبقى السؤال قائماً: من سينجح في فرض سيطرته على الميدان المحلي في جهة الداخلة، ومن سيصمد أمام الضربة الحاسمة، ومن سيكون الجمهور الذي يحكم على الجميع؟ الفاعل السياسي والاجتماعي في الجهة يراقب، يحلل، ويختبر كل تحرك، ليؤكد أن السياسة في الداخلة ليست مجرد لعبة على السطح، بل ميدان معقد للصراعات المستمرة، حيث كل خطوة محسوبة وكل تحرك له انعكاساته على مستقبل الجهة بأكملها.













