أصدرت المحكمة الدستورية قرارًا يقضي بدستورية القانون التنظيمي رقم 09.25، المعدِّل والمتمِّم للقانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، وذلك بعد إحالته عليها من طرف رئيس الحكومة، عملاً بمقتضيات الفصل 132 من الدستور.
ويأتي هذا القرار في إطار المسطرة الدستورية التي تُلزم بعرض القوانين التنظيمية على المحكمة الدستورية قبل إصدار الأمر بتنفيذها، ضمانًا لتطابقها مع أحكام الدستور وانسجامها مع مبادئه.
وفي حيثيات قرارها، أكدت المحكمة أن المسار التشريعي لاعتماد هذا النص احترم كافة المقتضيات الدستورية، بدءًا من التداول بشأنه في المجلس الوزاري يوم 12 ماي 2025، مرورًا بإيداعه لدى مكتب مجلس النواب في 23 ماي من السنة ذاتها، وصولًا إلى المصادقة عليه بالإجماع من طرف مجلسي البرلمان في جلستي 17 يونيو و8 يوليوز 2025، وفقًا للفصلين 84 و85 من الدستور.
ويتضمن القانون التنظيمي الجديد تعديلات نوعية في الجانب الاجتماعي للقضاة، أبرزها توسيع نطاق الرخص الممنوحة، لتشمل رخصة الرضاعة، ورخصة الأبوة، ورخصة الكفالة، مع ضمان احتفاظ القضاة بكامل الأجر أثناء الاستفادة من رخص المرض سواء كانت متوسطة أو طويلة الأمد.
كما يمنح النص الجديد المرأة القاضية رخصة كفالة لمدة 14 أسبوعًا عند إسناد كفالة طفل يقل عمره عن 24 شهرًا، إضافة إلى ساعة يومية للرضاعة حتى بلوغ الطفل هذا السن. أما القاضي الأب، فسيستفيد من رخصة أبوة مؤدى عنها لمدة 15 يومًا ابتداءً من تاريخ الولادة أو إسناد الكفالة.
ومن بين المستجدات أيضًا، منح الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية صلاحية تحديد كيفيات الاستفادة من بعض الرخص عبر قرارات تنظيمية تُنشر في الجريدة الرسمية، وهو ما اعتبرته المحكمة متوافقًا مع مبدأ استقلال السلطة القضائية المنصوص عليه في الفصل 107 من الدستور، دون أن يشكل مساسًا بمبدأ فصل السلط أو بالضمانات المخولة للقضاة.
كما صادقت المحكمة على مقتضى يتيح للمسؤولين القضائيين تحديد توقيت الاستفادة من رخصة الرضاعة بما ينسجم مع رغبة القاضية المعنية، شريطة ضمان السير العادي لمرفق العدالة، معتبرة أن ذلك يدخل ضمن نطاق التدبير الإداري المشروع للمحاكم.