تحتضن مدينة الداخلة غداً الثلاثاء ندوة دولية استثنائية بعنوان «المسيرة الخضراء… ملحمة الوحدة ورهانات التنمية». في خمسين عامًا، تحولت المسيرة من حدث تاريخي إلى رمز وطني متجدد، وها هي اليوم تُعيد تعريف نفسها في ذهن كل مغربي، لتصبح مرآة للتنمية والسيادة والذكاء السياسي.
في الندوة، يُرتقب حضور نخبة من المفكرين والدبلوماسيين والباحثين، كل واحد منهم يمثل بعدًا من أبعاد المغرب في الداخل والخارج. الدكتور ميلود بلقاضي، رئيس المرصد المغربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية، سيُضيء على دور المسيرة في تأسيس استراتيجية وطنية متكاملة تجمع بين التاريخ والسياسة. بجانبه، السيد ينجا الخطاط، رئيس مجلس جهة الداخلة وادي الذهب، الذي يُرجّح أن يربط بين الدروس التاريخية وروح المبادرة التنموية التي تعرفها الأقاليم الجنوبية اليوم.
كما سيشارك الدكتور حسن أوريد، المؤرخ والناطق الرسمي السابق باسم القصر الملكي، ليضع الحدث في سياقه التاريخي، مؤكدًا أن المغرب استثمر السرد التاريخي قبل أن يخوض المعارك الدبلوماسية. أما الدكتور محمد الغالي، عميد كلية الحقوق بقلعة السراغنة، فسيتناول ملامح الحكم الذاتي كمرجعية دولية للحل المستدام لقضية الصحراء المغربية، بينما الدكتور أحمد بوطامو، المستشار لدى الرئاسة الفرنسية والمتخصص في الجيوبوليتيك، سيقدم رؤية توازن القوى والتحولات الإقليمية التي تجعل من المغرب لاعبًا محوريًا في المنطقة.
ومن الخارج، سيشارك الدكتور إيمانويل دوبي، رئيس معهد الاستشراف والأمن في أوروبا، والبروفيسور أوليفي كلين بوسكيه، الباحث في العلاقات الدولية بباريس، لتقديم قراءة شاملة لـدبلوماسية المغرب على مدار خمسين عامًا، بين القرارات الأممية والتحديات الإقليمية، ومن ثم الدكتور محمد زيدوح، عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال ورئيس مجموعة الصداقة المغربية الفرنسية بمجلس المستشارين، والدكتورة دريا توركوركماز، العضو المنتدب في Manasset Staffing Solutions وعالمة الاجتماع في المنظمات، إضافة إلى الدكتورة ليلى الداهي، النائبة البرلمانية عن جهة العيون الساقية الحمراء ورئيسة تجمع الشباب بالبرلمان الإفريقي.
كما سيحضر الأستاذ عبد الله باه، كاتب صحفي وباحث في الشؤون الإفريقية، والدكتور عصام العروسي، مدير عام مركز منظورات للدراسات الجيوسياسية، والأستاذ نور الدين بلحداد، المختص في شؤون الصحراء المغربية، بالإضافة إلى الدكتور دافيد ديروش، أستاذ مشارك بجامعة الدفاع الوطني، والأستاذ صبري لحو، محامي وخبير في القانون الدولي.
الهدف من الندوة لا يقتصر على استعراض ذكريات المسيرة، بل على فهمها كمنهج مستمر في السياسة المغربية، يجمع بين الحكمة التاريخية والقدرة على التكيف مع التحولات الاقتصادية والسياسية، من مشاريع التنمية الكبرى مثل ميناء الداخلة الأطلسي، إلى استثمارات الطاقات المتجددة والاقتصاد الأزرق، لتصبح الصحراء المغربية نموذجًا حيًا للتماسك الوطني والتنمية المتوازنة.
الندوة، التي تنظمها المدرسة العليا للتجارة والتسيير بالداخلة بشراكة مع المرصد المغربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية، ستختتم على الأرجح بتوصيات أكاديمية وفكرية، تسلط الضوء على ضرورة استدامة النموذج التنموي بالأقاليم الجنوبية، باعتباره امتدادًا طبيعيًا لروح المسيرة الخضراء، وجسراً بين ذاكرة الوحدة ورؤية المغرب المستقبلية.
