من لا يحترم حرية إبداء الرأي لا يحترم أصلاً حقاً مُهِماً من حقوق الإنسان، ولنا في المملكة المغربية نصيب من هؤلاء المتربصين غايتهم تكميم فم أي كان، لا يساير تصرفاتهم في الحكم مهما كان الميدان، وكأنهم ولدوا للعيش فوق رؤوس العامة لا يهمهم قانون ما دامت بين أيديهم سياط أظلم سجَّان، يقدمون في الواجهة زينة الحداثة ويؤخرون ما لا يخشون في شأنه قصاص الميزان، لكن مهما عمّروا دبَّت في أجسادهم مَنْ تسوقهم لحفرٍ مِن تُراب في وليمة دُودٍ لا تعرف في أداء مهمتها لا شفقة ولا حَنان، إذن لِما تَحَمّل كل الذنوب وخاتمتهم جثث هامدة ملفوفة بقطع أبخس كتان، إن تُركَت لمدة ولو قصيرة فاحت رائحتهم توضِّح لمن ساير أفعالهم أنها مُلحقة بهم ذات زمان، تميِّزهم بما تُلزم الآخرين الابتعاد عنهم لأي مكان، زمان لا ينفع فيه ندم ولا تراجع مغلَّف بسياسة الثعبان، حالما يشعر بنهايته لقمة صائغة مستقرّة في أحشاء حيوان.
التعبير عن الرأي بحرية مهما كان المُراد كدافعٍ لإظهار غضبٍ مشروع على حُكَّام يتصرفون بشكل غير مشروع تفرعنوا وتجبَّروا واستولوا على الأرزاق كأنهم الوحيدون في هذه الأكوان.
أمر سليم يبشٍّر لمثل القول أن الشعب المغربي أضعف فرد فيه أقْوَى مِن أصحاب أطنان مِن ذهب وفضة وأكثر من ضيعة وبستان، وأملاك عقارية موزَّعة على منتجعات ومنها اليونان، شعب مغربي لا يخلو عند كبريات التضحيات مِن أشجع الفرسان، المنبّهين أن ناموسة مخلوقة لهدف لا يعرفه سوى الأتقياء في مواجهة الجبناء البائعين ضمائرهم لمن امتصّوا ولا زالوا دماء الفقراء لتكريس لغة الطاعة العمياء لظلم تجاوز حدود أسوأ طغيان.
الشعب المغربي العزيز، وبخاصة في بعض الأرياف ينامون من غير عشاء بعد يوم طعامهم خبز جاف مبلَّل بشاي دمّر أمعاءهم، ومِن حولهم سادة على قلّتهم غارقون في الحبور والسلوان، لا همَّ لهم إلا التفكير فيما يملؤون به جيوبهم بالدرهم الرنَّان، مهما كانت الوسيلة المستعملة غاية الإتقان، لا تُبقي دليلاً ولا تاركة من خلفها من يشهد رغم حضوره لشدة خوفه من صروف الأوان، الملوث بعدم الرقابة ودخول مثل المناطق في عالم النسيان، كل الحكومات رفعت شعار إصلاح البادية حتى هذه الحالية التي يرأسها مَن كان أقدم وزير للفلاحة، المُنكبَّة على خلق المشاكل وتضييق الخناق على الشعب برفع الأسعار وترك بعض الوزراء يصدرون دوريات لا سند دستوري لها ولا مرجع قانوني يضمن العمل بها، يكفي الدورية التي منعت المحامين من ولوج المحاكم لأداء مهامهم السامية إن امتنعوا عن تقديم جواز التلقيح، مما تسبب في تعطيل المحاكمات العادلة ودشن ما يضع حداً في هذا الوطن لاستقلالية القضاء، وبالتالي الانتقال لعدم استمرارية السلم الاجتماعي، وكأن هذه الحكومة ترسّخ يومياً عدم كفاءتها في تدبير الشأن الخاص بالمواطنين عماد الوطن وعنوان استقراره، لتضاف لخيبة الأمل في السياسة الخارجية البعيدة كل البعد عن طموحات المغاربة في الاطمئنان داخل مدارهم ووفق إمكاناتهم دون بيع أو شراء في مواقف هشة لا خير فيها، عكس مَن يعمل على جعلها حلاً مؤقتاً لإنجاح برنامجه الذي لا يعرف عنه الشعب المغربي إلاّ القشور باستثناء الادارة الأمريكية.
بقلم : مصطفى منيغ