المنتخب بدون حضور اجتماعي واقتصادي.. صوت بلا صدى

هيئة التحرير30 يوليو 2025آخر تحديث :
المنتخب بدون حضور اجتماعي واقتصادي.. صوت بلا صدى

بقلم: محمد الصغير

في جهة الداخلة وادي الذهب، حيث تَتَصَاعدُ التطلعاتُ وتَتَزايَدُ انتظاراتُ المواطنين، لم يعد مقبولًا أن يُحتَكَرَ المشهدُ الانتخابي من طرف وجوه لا تمتلك من أدوات التمثيل إلا الاسم، ومن مقومات القيادة إلا اللقب. لقد آن الأوان لقراءة جديدة لمفهوم “المنتخب”، قراءة تتجاوز الصورة والبذلة والمقاعد، إلى عمق الشخصية الاجتماعية والاقتصادية، وإلى جوهر الالتزام بقضايا الجهة ومطالب ساكنتها.

فالمنتخب الذي لا يُرى في الحقل الاجتماعي، ولا يُسمَع صوته في ملفات التنمية، ولا يُلمس أثره في الحياة اليومية للمواطن، هو منتخب بلا تأثير، وصوته لا يتجاوز الجدران المغلقة للمجالس، إن سُمع أصلًا.

من المسؤولية التمثيلية إلى الالتزام المجتمعي

التمثيلية الحقيقية لا تبدأ يوم الانتخابات ولا تنتهي بإعلان النتائج. بل هي مسار متواصل من الحضور، والإنصات، والترافع، والبناء. فكيف يمكن لمن لم يعرف دروب الأحياء الشعبية، ولم يجالس الشباب العاطل، ولم يسمع شكاوى المرضى والأرامل، أن يتحدث باسمهم؟ وكيف يمكن لمن لا يملك مشروعًا اقتصاديًا واضحًا للجهة أن يفاوض الوزارات المركزية أو يجلب فرص الاستثمار؟

الحضور الاجتماعي ليس ترفًا، بل ضرورة. والحضور الاقتصادي ليس تكميلًا، بل أساس. وهذان العنصران هما مفتاح ثقة المواطن، وشرط فعالية المنتخب.

العدالة الاجتماعية والمجالية.. ليست شعارات بل مسؤوليات

إن جلالة الملك محمد السادس، في خطبه المتعددة، ربط نجاح أي سياسة تنموية بمدى انعكاسها على حياة المواطنين اليومية. وهنا لا مجال للتزييف أو التجميل: إما أن تتحسن أوضاع الناس، أو يفشل المشروع.

العدالة الاجتماعية تعني أن لا يُترك أحد خلف الركب، وأن يُمنَح كل مواطن الحق في التعليم الجيد، والصحة المتاحة، والسكن اللائق، والعمل الكريم. أما العدالة المجالية، فتعني أن لا تظل بعض الجماعات تُعامَل كمناطق منسية، في حين تُغرق أخرى بالمشاريع. وهذه الأدوار لا تُنجَز في المكاتب المكيفة، بل في الميدان، وبالحوار، وبالضغط السياسي البناء.

رسائل مشفّرة لمن يهمهم الأمر

إلى من جلسوا على الكراسي ونسوا من صوتوا لهم: الجلوس ليس غاية، بل وسيلة لخدمة الناس، فإما أن تكونوا أهلاً لها، أو فلتفسحوا المجال لمن يملك الجرأة على الدفاع بصدق.

إلى من لا يظهرون إلا في الحملات: الشارع لا ينسى الغائبين، والتاريخ لا يحتفي إلا بمن تركوا الأثر.

إلى من يرون المناصب غنيمة لا تكليفًا: كل امتياز غير مبني على أداء، هو مديونية أخلاقية في ذمتكم.

وإلى من يفكرون في الترشح مجددًا: اعرضوا أنفسكم على ميزان “الفعالية”، قبل أن تعرضوها على أوراق الاقتراع.

دعوة لتجديد النخب على أساس الكفاءة لا الولاء

يجب أن نكسر حلقة إعادة تدوير الوجوه ذاتها، تلك التي لم تقدّم شيئًا يذكر سوى الوعود الموسمية، والخطابات المنمقة. على الأحزاب السياسية أن تتحمّل مسؤوليتها في تزكية كفاءات لها امتداد مجتمعي، ورؤية اقتصادية، والتزام حقيقي.

كما أن الناخبين أنفسهم، مدعوون لليقظة، وعدم الانخداع بالأسماء اللامعة أو الوعود المجانية. فكل صوت يوضع في غير موضعه، هو تأخير لمطالب الجهة، وتكريس للرداءة والجمود.

خاتمة: الكلمة الآن للضمائر الحية

إن جهة الداخلة وادي الذهب تستحق من يمثلها بصدق، ويدافع عنها بقوة، ويبني مستقبلها بشراكة مع أبنائها. والمنتخب الذي لا يحمل هذا الهم، ولا يعيش هذا الوجع، سيبقى مجرد رقم في محضر، وصوت بلا صدى.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة