“النصاب الرقمي” أمام العدالة بوادي زم.. من الإغواء الافتراضي إلى شِباك الأمن المغربي

هيئة التحريرمنذ 3 ساعاتآخر تحديث :
“النصاب الرقمي” أمام العدالة بوادي زم.. من الإغواء الافتراضي إلى شِباك الأمن المغربي

يَمثُل، يوم غدٍ الخميس، أمام المحكمة الابتدائية بوادي زم، شخصٌ وُصف بـ“النصاب الرقمي المحترف”، بعد أن نسج خيوط جرائمه عبر الفضاء الأزرق، مستدرجًا ضحاياه إلى علاقات افتراضية ذات طابع حميمي، ثم حوّل تلك اللحظات الموثقة إلى أدوات ابتزاز وتهديد مالي.

ووفق ما أوردته يومية الصباح في عددها ليوم الأربعاء 22 أكتوبر، فإن المشتبه فيه كان يُتقن فنون التضليل، إذ أنشأ هويات نسائية وهمية على مواقع التواصل الاجتماعي، مستعينًا بصور جذابة لإغواء ضحاياه واستدراجهم إلى محادثات خاصة، قبل أن يُصورهم في أوضاع فاضحة دون علمهم. ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل كان يطالبهم لاحقًا بتحويل مبالغ مالية عبر عملة “البيتكوين” الرقمية، متخذًا من منصات التداول المشفّرة وسيلةً لإخفاء أثره والتملص من الملاحقة الأمنية.

غير أن يقظة الأجهزة الأمنية المغربية كانت له بالمرصاد. فبعد تحريات دقيقة وتعقب إلكتروني معقد، تمكنت المصالح الأمنية من تحديد مكان وجوده وتوقيفه داخل أحد المقاهي، إثر كمين محكم نُفّذ بسرّية تامة.

وكشفت الصحيفة أن شرارة القضية انطلقت من إشعار ورد عبر الشرطة الدولية (الإنتربول) إلى مكتبها بالرباط، بعدما تقدمت إحدى الضحايا بشكاية رسمية، لتتحرك على إثرها عناصر الفرقة المحلية للشرطة القضائية بوادي زم، حيث باشرت تحقيقات معمقة انتهت باعتقال المتهم.

النيابة العامة، من جانبها، وجّهت إليه مجموعة من التهم الثقيلة، أبرزها النصب، والتهديد بإفشاء أمور شائنة قصد الابتزاز المالي، وتسجيل صور لأشخاص في أماكن خاصة دون إذن، ومعالجة معطيات شخصية دون ترخيص، فضلًا عن التداول غير القانوني للعملات الافتراضية داخل التراب الوطني.

وقد أظهرت التحقيقات أن المتهم كان يعتمد تقنيات رقمية متطورة لإعادة تركيب الصور والفيديوهات، مستعينًا بمعطيات استخرجها من حسابات ضحاياه، لتبدو التسجيلات أكثر إقناعًا وصعوبة في التكذيب، ما زاد من حجم الأذى النفسي والمادي الذي لحق بضحاياه.

وبعد عرضه على أنظار وكيل الملك، قررت النيابة العامة إيداعه السجن المحلي بودركة رهن الاعتقال الاحتياطي، بالنظر إلى خطورة الأفعال المنسوبة إليه وتشعبها، خاصة بعد تأكيد بنك المغرب تورطه في معاملات مالية مشبوهة مرتبطة بتداول عملات رقمية غير مصرّح بها.

كما أمرت المحكمة بانتداب قضائي موجَّه إلى بنك المغرب، قصد تحديد عدد التحويلات المالية المرتبطة بنشاط المتهم، والتعرف على هوية الضحايا والمبالغ المحوّلة سواء عبر المنصات الرقمية أو مباشرة داخل التراب الوطني.

بهذا، يكون المتهم قد انتقل من عالم الاحتيال الافتراضي إلى واقع العدالة الملموس، ليواجه عواقب جرائم رقمية باتت تشكّل تحديًا متناميًا أمام الأجهزة الأمنية والقضائية في المغرب، في زمن أصبح فيه “النقر على الشاشة” بداية لسلسلة من الجرائم العابرة للحدود.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة