الهجرة الجماعية للشباب المغربي: بين ضغوط الواقع وغياب الحلول الفعالة

هيئة التحرير16 سبتمبر 2024آخر تحديث :
الهجرة الجماعية للشباب المغربي: بين ضغوط الواقع وغياب الحلول الفعالة

بدر شاشا

إنما وقع في الفنيدق ، هروب جماعي للشباب المغربي نحو أوروبا هربًا من واقع صعب يتطلب الاستثمار في الشباب ؟

في ظل ما شهده يوم أمس من محاولات هروب عدد كبير من القاصرين عبر مدن ساحلية مثل الفنيدق، يتجلى بوضوح التحدي الكبير الذي يواجهه الشباب المغربي في البحث عن حياة كريمة ومستقبل أفضل. هذا المشهد يعكس أزمة حقيقية تمتد جذورها إلى ظروف اجتماعية واقتصادية قاسية تدفع العديد من الشباب إلىالمخاطرة بحياتهم في سبيل الوصول إلى أوروبا. لكن هل يمكن القول إن حياة هؤلاء الشباب لا تهمهم؟ بالتأكيد
لا،فالمسألة ليست رغبة في المخاطرة فحسب، بل تعبير عن حاجة ملحة للهروب من واقع مرير.الشباب المغربي اليوم يجد نفسه في مواجهة ظروف صعبة للغاية. العديد منهم حاصلون على شهادات جامعية، بل إن بعضهم مؤهلين تأهيلاً عالياً، ولكنهم رغم ذلك يعانون من البطالة، ولا يحصلون على فرص عمل تليق بمؤهلاتهم. إن العيش دون عمل يعني فقدان الكرامة الشخصية، والإحساس بالعجز عن تحقيق الذات، وهذا ما يولد شعوراً بالعزلة والإحباط لدى الكثير من الشباب. فكيف يمكن لشاب أن يشعر بالانتماء لمجتمع لا يتيح له الفرصة لتحقيق أبسط حقوقه في العمل والتعليم والرعاية الصحية؟من خلال متابعة أوضاع الشباب المغربي، يبدو جلياً أن الضغوط الاجتماعية والاقتصادية المعقدة تلعب دوراً كبيراً في تفكيرهم بالهجرة. هذه الضغوط ليست نتيجة أزمات آنية، بل هي نتيجة تراكمات لسنوات من التجاهل والإقصاء. الشباب لا يريدون الهجرة لمجرد الرغبة في ترك وطنهم، بل يسعون للبحث عن مكان يوفر لهم الحد الأدنى من الكرامة والاحترام. في أوروبا، يجد الشباب احتراماً لحقوقهم، دعماً لمشاريعهم، وفرصاً حقيقية للنمو والنجاح.
لكن في المغرب، الأمور تبدو مختلفة. الشباب يواجهون بيئة اقتصادية خانقة، حيث العمل المتاح غالباً ما يكون عملاً شاقاً وبأجور زهيدة، دون تغطية طبية أو ضمان اجتماعي. هذه الأعمال لا توفر لهم الأمان أو الاستقرار المطلوب، بل تضعهم في حالة من الاستعباد الحديث، حيث يعملون ساعات طويلة دون الحصول على حقوقهم الأساسية. هذا الوضع يدفعهم إلى التفكير في الهجرة كخيار للهروب من واقع غير عادل.يجب على المغرب أن يتخذ خطوات جادة وحاسمة لدعم الشباب وخلق فرص عمل حقيقية تتناسب مع مؤهلاتهم وطموحاتهم. دعم الشباب لا يجب أن يكون مجرد شعارات أو برامج مؤقتة، بل يجب أن يكون استثماراً طويل الأمد في قدراتهم، وخلق بيئة تمكنهم من تحقيق أحلامهم داخل بلدهم، بدلاً من البحث عنها في الخارج. يجب أن يشعر الشباب بأنهم جزء من الحل وليسوا جزءاً من المشكلة.
الحل لا يكمن فقط في خلق فرص عمل، بل في تقديم الدعم الكامل للشباب من خلال تعليم جيد، نظام صحي فعال، وأطر قانونية تحمي حقوقهم. يجب أن تتغير النظرة إلى الفئات الفقيرة والمهمشة، فهذه الفئات هي العمود الفقري لأي مجتمع. إن تمكينها من الوصول إلى التعليم والعمل والمشاريع الصغيرة يمكن أن يكون حلاً جذرياً للفقر وصعوبة الحياة.لا يمكن إنكار أن هناك رغبة كبيرة لدى الشباب في الهجرة إلى الخارج بسبب ما يجدونه من تقدير واحترام لحقوقهم هناك، ولكن الحل ليس في إغلاق الأبواب أمامهم أو منعهم من الهجرة، بل في خلق بيئة داخلية تحترمهم وتدعمهم. المغرب لديه إمكانيات كبيرة، ولكن يجب استغلالها بالشكل الصحيح لتمكين الشباب من بناء مستقبلهم داخل الوطن.
مسألة هجرة الشباب المغربي إلى أوروبا ليست مجرد ظاهرة عرضية، بل هي نتيجة لأزمة متراكمة تستدعي التدخل العاجل. الحلول لا يجب أن تقتصر على معالجة الأعراض، بل يجب البحث في الأسباب الجذرية والعمل على إصلاحها بشكل جذري. الشباب هم ثروة الوطن، وإذا لم يتم دعمهم وتمكينهم، فإن الهجرة ستظل الخيار الوحيد أمامهم لتحقيق أحلامهم.
أغلب فئات المجتمع المغربي تريد الهجرة إلى الخارج برًا وبحرًا وجوًا هروبًا، المهم هو أنهم يريدون الانتقال للعيش ليصبحوا بشرًا. هنا يجب أن نوفر، بدل الهجرة، بيئة عمل آمنة وصحية ومستقرة ودعمًا للشباب بشكل عام.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة