شهدت جهة الداخلة وادي الذهب خلال السنوات القليلة الماضية نهضة تنموية غير مسبوقة بفضل الأوراش المفتوحة والمشاريع المهيكلة التي ثم إنجازها لتعزيز الدينامية التنموية للجهة في مختلف المجالات.
وقد عرفت الجهة إطلاق العديد من المشاريع المهيكلة على مختلف المستويات ٬ والنهوض بالبنية التحتية ٬ وتوفير الخدمات الضرورية للساكنة ، نظرا لتميزها الجغرافي ٬ والترابي الاستراتيجي الهام ٬ وبالمؤهلات الطبيعية ٬ والبشرية التي جعلتها جهة لها جاذبية مهمة وآفاق نمو واعدة ، إضافة إلى أنها بوابة المغرب على إفريقيا .
ويبدو جليا أن الجهة من خلال هذه المشاريع تتطلع إلى تعزيز طموحها وإشعاعها المحلي ٬ وتعزيز البنيات التربوية والتكوينية ٬ لتصبح قوة جذب سياحي بفضل مؤهلاتها الطبيعية المتنوعة ، وتراثها الثقافي الحساني اللامادي الغني والمتنوع.
وتهدف برنامج التنمية لجهة الداخلة وادي الذهب ، إلى الارتقاء بها كقطب متكامل وقاطرة للعمق الإفريقي ٬ وكذا تكريس مكانتها وتقوية جاذبيتها عبر تنزيل العديد من المشاريع المهيكلة ٬ التي تهم بالخصوص النهوض بالبنيات التحتية ٬ وتوفير فرص الاستثمار٬ وتحقيق التنوع على مستوى الخدمات ، بما يحقق التنمية التي تستجيب لانتظارات الساكنة.
ومن بين هذه المشاريع ٬ إحداث مؤسسات تكوينية مندمجة من شأنها أن تحقق قفزة نوعية في مجال اقتصاد المعرفة وخلق دينامية تنموية حقيقية ٬ كذلك إحداث ميناء الداخلة الأطلسي، وهو ميناء مهم سيعزز قدرات المنطقة فيما يخص التبادل التجاري مع العمق الإفريقي وباقي الدول، تماشيا مع الإستراتيجية العامة التي ترتكز على توطيد العلاقات والشراكات الاقتصادية جنوب- جنوب.
وإلى جانب هذا الميناء، هناك محطة لوجيستيكية وصناعية على امتداد ألف هكتار ستجهز وتخصص للمشاريع في مجال الصناعات البحرية والصناعات الغذائية ،إضافة إلى إنشاء منصات لوجيستيكية في منطقة بئر كندوز، ومنطقة الكركارات على امتداد ثلاثين هكتارا لكل منصة، وهناك أيضا مشروع تحلية مياه البحر لسقي خمسة آلاف هكتار كمرحلة أولية.
كما أن الجهة تمتلك مؤهلات مهمة في المجال الفلاحي، مما دفع إلى التفكير في مشروع لتحلية مياه البحر للاستمرار في تطوير هذا القطاع المهم الذي يعتبر من أهم القطاعات المشغلة لليد العاملة.
وبخصوص مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ، فقد ثم إعطاء دفعة قوية لبرامج المبادرة في مرحلتها الثلاثة ، التي تعطي الأولوية للشباب، حيث ثم إحداث منصة للشباب ” موجهة للاستقبال والإنصات والتوجيه ، إذ يعتبر هذا المشروع المنجز في إطار محور ” تحسين الدخل والإدماج الاقتصادي للشباب “، وما توليه المبادرة الوطنية للتنمية البشرية من اهتمام خاص لتمكين الشباب من تحقيق ذواتهم وطموحاتهم، و تزويدهم بوسائل متنوعة تمكنهم من تحفيز روح المبادرة والمقاولة لديهم، وتضمن لهم إدماجا سوسيو- اقتصاديا أفضل.
وفي إطار المشاريع التي تنجزها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ، فقد خصص للبرنامج المتعلق بتدارك الخصاص على مستوى البنيات التحتية والخدمات الأساسية بالمجالات الترابية الأقل تجهيزا، غلاف مالي بأزيد من 3.39 ملايين درهم خلال الفترة 2019-2021، من خلال استهداف سبعة مشاريع، هذه المشاريع تهم قطاعات الصحة (52 في المئة)، والتزويد بالماء الصالح للشرب (44 في المئة)، والكهربة القروية (3 في المئة)، والتعليم (1 في المئة).
أما بالنسبة للبرنامج المتعلق بمواكبة الأشخاص في وضعية هشاشة، فقد تمت تعبئة مبلغ يقدر بأزيد من 17.43 مليون درهم لتمويل 73 مشروعا ونشاطا.
وبخصوص تأهيل وتنمية الجهة ٬ خلال الفترة الممتدة مابين2019 و2021 والتي تهدف إلى تحقيق تنمية حضرية مندمجة ومستدامة للجهة ٬ وتعكس التوجهات والإختيارات العامة للسياسة الاقتصادية والإجتماعية ٬ المزمع تحقيقها ٬ عبر توسيع وتقوية الطرق الحضرية الكبرى ٬ وإحداث طرق الربط بين الأحياء ٬ وتهيئة الساحات والمساحات الخضراء ، بالإضافة إلى تهيئة الأحياء الناقصة التجهيز .
وفي ما يخص البرنامج المتعلق بالدفع بالرأسمال البشري للأجيال الصاعدة، فقد بلغ إجمالي الاعتمادات المخصصة خلال السنوات الثلاث أزيد من 9.8 ملايين درهم تهم صحة الأم والطفل (2.29 مليون درهم/11 مشروعا)، وتعميم التعليم الأولي (2.80 مليون درهم/12 وحدة للتعليم الأولي)، ودعم التمدرس والتفتح (4.71 ملايين درهم/16 مشروعا ونشاطا).
أما فيما يخص قطاع الشباب والرياضة ٬ فقد تم تعزيز القطاع السوسيو ثقافي بالجهة ٬ إضافة إلى تعزيز البنية التحتية للمرافق العمومية ، بهدف تحقيق التنمية الاجتماعية والثقافية للساكنة ٬ من خلال النهوض بقطاعات الشباب والرياضة عبر إنشاء ملاعب للقرب .
وفي إطار التخفيف من حوادث السير ٬ تم تنصيب كاميرات لمراقبة في أهم شوارع مدينة الداخلة، وذلك في إطار مواكبة استراتيجية وزارة التجهيز والنقل واللوجيستيك الرامية إلى تحسين مؤشرات السلامة الطرقية في المجال الحضري.
وفي مجال السياحة يمثل مشروع تهيئة كورنيش فم لبوير ، الذي يزخر بمؤهلات طبيعية استثنائية مرتبطة بثراء وتنوع نظامها الإيكولوجي، تنمية محلية قوامها السياحة الشاطئية وهدفها الإنسان ، وتثمين الإمكانيات في احترام تام للمحيط البيئي والجغرافي والثقافي للمنطقة.
ومن شأن هذا المشروع النموذجي، ذي القيمة المضافة العالية، أن يساهم في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية للجهة ، لاسيما من خلال تثمين إمكانياته ومؤهلاته السوسيو-اقتصادية، والمساهمة في إحداث مناصب الشغل ، والحفاظ على نظافته ورايدته ضمن الشواطئ الحاصلة على اللواء الأزرق .
ويشكل بحق مشروع بناء وهيكلة المنتجع السياحي المنبثق عنه ٬ الذي تسير أشغال إنجازه ٬ وفق وتيرة متسارعة ٬ رافدا حيويا ٬ ومبادرة نوعية ٬ لرد الإعتبار لهذا الشاطئ ٬ ذي الأهمية البيولوجية والإيكولوجية ٬ ليصبح بذلك واجهة سياحية مشرقة للجهة ككل.
أما فيما يخص الجانب البيئي٬ فقد ثم إنشاء مركز النفايات ضواحي النقطة الكيلومترية 40 ٬ هذا المشروع الذي يندرج في إطار البرنامج الوطني لتدبير النفايات الصلبة الذي تسهر عليه وزارة الداخلية ووزارة البيئة ، حيث يعد مشروعا إقليميا يحترم المعايير البيئية الدولية المتداولة ٬ ويأتي لمعالجة والتخلص من النفايات المنزلية ، وبالتالي تكملة منظومة تدبير النفايات بجهة الداخلة وادي الذهب بشكل عصري ومعقلن يحترم كل المعايير البيئية من أجل تحقيق التنمية المستدامة.
أما فيما يخص المجال الفلاحي فقد ثم إطلاق العديد من المشاريع التنموية الجديدة ، بهدف تعزيز الفلاحة التضامنية ، وتحسين الظروف المعيشية للفلاحين ومربي الماشية ٬ ومتابعة المشاريع التي تم إطلاقها على مستوى الجهة في إطار مخطط المغرب الأخضر ، وإطلاق مشاريع تنموية فلاحية جديدة تندرج في إطار استراتيجية “الجيل الأخضر 2020-2030.
كل هذه المشاريع ستساهم بدون شك ، في تعزيز الجاذبية السياحية والمجالية بالجهة ، ومن شأنها فتح آفاق واعدة للساكنة و الحد من التفاوتات والفوارق الاجتماعية والمجالية وتقريب الخدمات الاجتماعية، وتسهيل ولوج الساكنة للبنيات التحتية الأساسية.
فجهة الداخلة وادي الذهب عرفت على غرار باقي جهات المملكة إطلاق العديد من المشاريع المهيكلة المندرجة في تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية و كذا العديد من المشاريع الاقتصادية ٬ فضلا عن خلق دينامية في مجال اقتصاد المعرفة.
وتأتي هذه الأوراش التنموية المفتوحة التي تعرفها الجهة ٬ لإعطاء نفس جديد للجهود الجبارة للسلطات المحلية وعلى رأسها السيد الوالي ” لامين بنعمر ” لاستثمار المؤهلات الحيوية للمنطقة ، والانتقال إلى مرحلة جديدة تهتم بالتجديد في إطار الحفاظ على الطابع الأصيل للمنطقة ، الأمر الذي أضحى محفزا حقيقيا للاقتصاد المحلي الذي يعتمد بشكل أساسي على النهوض بالرأسمال اللامادي في مختلف تجلياته، و جعل الموروث الحضاري والثقافي رافعة أساسية لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة.