تعرف إنتخابات 2021 وسائل جديدة غير تلك المستعملة سابقا للتعريف بالبرامج الحزبية ، ففي المداشر والأحياء الصفيحية والشعبية، لازالت الوسائل الكلاسيكية نفسها تحسم السباق ، حيث يبدأ المرشح صباحا، مرفوقا بثلة من المساندين، بحضور لافت للشباب والنساء، جولات اللقاء المباشر مع أبناء الأحياء بالمدينة ، يطرق أبواب البيوت واحدا واحدا، يتبادل الابتسامات والقبل مع الناخبين ،و يغتنم توافد المواطنين على المحلات التجارية والأسواق، ليطوف عبر مرافقها ، يسبقه شباب يمطر قارعة الطريق بالمناشير الدعائية ، يقيم منصة يلقي فيها خطبة عصماء عن واقع الحال وعن مشاريع المستقبل ” الموعود ” متحدثا لكل شخص على حدا.
في المقابل، يبدو الوجه الحداثي للحظة الانتخابية في الداخلة مجسدا في الانفجار الذي شهدته وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الإلكتروني ، حيث احتدم سباق من نوع جديد على صنع ” وصلات إعلامية” من خلال المواقف والخطابات والصور ومقاطع الفيديو المبثوثة على الصفحات الشخصية للمرشحين والمناضلين والمتعاطفين، وأيضا الناقمين على الواقع السياسي .
للصورة دورها التواصلي الهام ، وواضح أن المرشحين فهموا اللعبة ، فبادروا إلى تغذية وسائل الإعلام التقليدية والإلكترونية بصور قاسمها المشترك إظهار الفاعل السياسي في موقف قوة .
وعلى هذا الصعيد، دخلت الأحزاب السياسية ساحة حرب اعلامية افتراضية من خلال جيوش الكترونية صممت بوابات ومواقع خاصة بالمعركة الانتخابية ذات الأهمية الكبيرة، كونها ثاني انتخابات بلدية جهوية وتشريعية في ظل الدستور الجديد 2011 وأكبر امتحان شعبي للوجوه السياسية المألوفة التي قادت مجالس منتخبة لعقود عدة .
أهمية تتعاظم في ظل النموذج التنموي الجديد الذي اعتمده المغرب ، والذي يوسع الصلاحيات على مستوى التدبير الذاتي للمناطق ،فمع الوعي بأهمية هذه الرهانات، فإن حرارة الحملات الانتخابية تتفاوت من حيث سخونتها على قدر اختلاف وسائلها التواصلية للتعريف بالبرامج الحزبية إعلاميا التي ينشطها قادة الأحزاب لاسيما اللقاءات التي إشتغل عليها حزب الإستقلال في شخص منسقه الجهوي الخطاط ينجا ، هذه اللقاءات الإعلامية التي يرتفع فيها النفس الخطابي، إذ يعزو المراقبون تصدر حزب الإستقلال للمشهد السياسي و الإعلامي على حد السواء ، لتوفره على قيادات سياسية تجمع بين الكاريزما والتمكن من البلاغة الخطابية ، التي تهز الحشود وتتطابق مع تطلعات المواطن وإنتظاراته .
وبناءا على ما سبق تبقى الحملات الإنتخابية في حلتها الجديدة عبر وسائل الإعلام المرئي والمسموع إستراتيجة ، تعطي أكلها في ظرف وجيز وتوصل صوت المرشح إلى الناخب بدقة متناهية .