دخل القانون رقم 03.23 القاضي بتغيير وتتميم أحكام قانون المسطرة الجنائية (22.01) حيّز التنفيذ بعد نشره في الجريدة الرسمية، ليشكّل بذلك محطة جديدة في مسار إصلاح العدالة بالمغرب. ويأتي هذا النص القانوني ليؤطر مرحلة انتقالية مهمة، إذ لم يتم عرضه اختيارياً على المحكمة الدستورية كما حدث مع قانون المسطرة المدنية، وهو ما أثار اهتمام الفاعلين الحقوقيين والجمعيات المدنية، خاصة في ما يتعلق بالمادتين الثالثة والسابعة اللتين تضبطان شروط متابعة الجرائم الماسة بالمال العام وتؤطران حق الجمعيات في التقاضي.
ويكرّس القانون الجديد، وفق ديباجته، التوازن بين حماية المال العام وضمان حقوق الأفراد، باعتباره “شريعة عامة” تنظم ممارسة الدولة لحقها في العقاب من خلال تحديد إجراءات البحث والتحري وضبط المشتبه فيهم، ووسائل الإثبات، والجهات المخوَّلة للمتابعة، إلى جانب تنظيم إجراءات المحاكمة وطرق الطعن وتنفيذ الأحكام الزجرية. كما يؤكد على ضمانات المحاكمة العادلة، من بينها قرينة البراءة، الحق في الدفاع، احترام الآجال المعقولة للتقاضي، وتوسيع نطاق المساعدة القانونية.
وزارة العدل وصفت دخول هذا القانون حيّز التنفيذ بالمحطة التاريخية التي تجسّد الرؤية الملكية لتعزيز دولة الحق والقانون، مشيرة إلى أن النص يعكس إرادة سياسية قوية لتحديث العدالة بما يواكب التحولات المجتمعية. واعتبر وزير العدل عبد اللطيف وهبي أن القانون يشكل ركيزة أساسية للإصلاح القضائي، من خلال الحد من الاعتقال الاحتياطي، تمكين الضحايا من حقوق موسعة، تعزيز الرقابة العلمية على السياسة الجنائية عبر مرصد وطني للإجرام، وتسريع التحول الرقمي داخل المحاكم.
ويرى مراقبون أن هذه الإصلاحات ستعزز مكانة المغرب إقليمياً ودولياً، وتمنح المنظومة القضائية المغربية دفعة قوية نحو تحقيق أهداف النموذج التنموي ورؤية المملكة لمستقبل 2030.