تهيئة الأطفال للعودة إلى المدرسة: بين مسؤولية الأسرة وتحديات المجتمع والإعلام

هيئة التحريرمنذ ساعتينآخر تحديث :
تهيئة الأطفال للعودة إلى المدرسة: بين مسؤولية الأسرة وتحديات المجتمع والإعلام

مع كل موسم دراسي، يتكرر السؤال نفسه: كيف يمكن تهيئة الأطفال لمواجهة تحديات المدرسة بنجاح؟ الإجابة ليست بسيطة، لأنها ليست مسؤولية المدرسة وحدها، بل نتاج شبكة معقدة من العلاقات بين الأسرة والإعلام والمجتمع ككل. إن الدخول المدرسي، في جوهره، اختبار ليس فقط لقدرة الطفل على التعلم، بل أيضًا لقدرة المجتمع على توفير بيئة مستقرة تحمي حقوق الطفل وتضمن له فرصة عادلة للنجاح.

الأسرة: حجر الزاوية أم مصدر القلق؟
لا يمكن إغفال أن الأسرة هي الإطار الأول لتنشئة الطفل، ولكن الواقع يكشف فجوات كبيرة. ففي زمن الانشغال الاقتصادي والاجتماعي، كثير من الأطفال يدخلون المدرسة وهم يفتقدون الدعم النفسي والمعنوي الضروري. تهيئة الأطفال للمدرسة ليست مجرد شراء دفاتر وحقائب، بل تحتاج إلى حضور يومي من الأهل، وخلق حوار مفتوح حول التعلم، وغرس ثقافة الالتزام والانضباط. الأسرة التي تتجاهل هذا الدور تتحمل جزءًا كبيرًا من إخفاقات الأطفال، وتضعهم أمام تحديات أكبر من قدراتهم في سن مبكرة.

الإعلام: شريك أم شاهد على الفوضى؟
الإعلام يمكن أن يكون قوة تعليمية فعالة، أو مجرد ناقل للأخبار دون تأثير إيجابي. البرامج التربوية، الحملات الرقمية، والنشرات التوعوية يجب أن توجه الأسرة وتدعم الطفل، بدل أن تساهم في نشر القلق أو تكرار الصور النمطية عن المدرسة. الإعلام المسؤول يمكن أن يسد الفجوات التي تتركها الأسرة، لكنه يحتاج إلى رؤية استراتيجية، وإلا سنجد أنفسنا أمام جيل من الأطفال محاصرين بين توقعات لا واقعية وبيئة تعليمية غير داعمة.

المدرسة: ساحة التأطير والتحدي
المدرسة ليست مجرد مكان لتلقين الدروس، بل فضاء لبناء الشخصية وتطوير مهارات التعامل مع الآخرين. إن تجهيز المدارس، وتأهيل الأساتذة لمواكبة الحاجيات النفسية والاجتماعية للأطفال، ليس رفاهية، بل ضرورة وطنية. أي إهمال في هذا الجانب يضع الطفل أمام مخاطر التهميش الأكاديمي والاجتماعي. المدرسة الناجحة هي تلك التي تبني جسورًا حقيقية مع الأسرة، وتدمج الإعلام كأداة مساعدة، لتصبح بيئة متكاملة لدعم الطفل.

شراكة استراتيجية لضمان دخول مدرسي ناجح
النجاح في الدخول المدرسي يحتاج إلى رؤية شاملة تربط بين الأسرة والإعلام والمدرسة. غياب أي عنصر من هذه المنظومة لا يؤدي فقط إلى صعوبات تعليمية، بل يترك أثرًا اجتماعيًا طويل الأمد على المجتمع ككل. الاستثمار في تهيئة الطفل للمدرسة هو استثمار في المستقبل الوطني، يتطلب وعيًا جماعيًا وإرادة سياسية حقيقية. فالأطفال اليوم هم صناع الغد، ومجتمع لا يوفر لهم بيئة داعمة يكون قد أخفق في أسس التنمية قبل أن تبدأ.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة