حين يصنع الصمت الجمال.. عمال النظافة بالداخلة في قلب التميز البيئي

هيئة التحريرمنذ 4 ساعاتآخر تحديث :
حين يصنع الصمت الجمال.. عمال النظافة بالداخلة في قلب التميز البيئي

✍️ الداخلة

في مدينةٍ تضيء بوجهها البحري وهدوئها الساحر، ثمة وجوه لا تُرى، لكنها تصنع الفرق كل يوم. إنهم عمال النظافة، من نساء ورجال نذروا وقتهم وجهدهم لخدمة مدينة الداخلة، دون أن تُسلّط عليهم الأضواء، أو يُذكروا في نشرات الأخبار.

منذ الساعات الأولى من الصباح، ينطلق هؤلاء الجنود المجهولون في رحلة عمل شاقة. لا يرافقهم سوى صوت المكانس وأزيز الشاحنات، ولا يحملون إلا رغبة واحدة: أن تظل الداخلة نظيفة، مشرقة، لائقة باسمها ومكانتها المتقدمة ضمن مدن الجنوب المغربي.

في وقتٍ يتحدث فيه الجميع عن التنمية المستدامة، والسياحة النظيفة، والمشاريع الكبرى، يتوارى هؤلاء خلف الستار، يعملون بصمت، وسط أكوام الأزبال والروائح الثقيلة، في طقسٍ متقلب بين حر قائظ وبرودة رطبة، لا تردعهم الظروف، ولا تُثنيهم عن أداء مهامهم.

الداخلة اليوم ليست فقط واجهة اقتصادية واعدة، بل أصبحت أيضًا مرآة حضارية بفضل أياديهم الخفية. فالمشهد الحضري المنظم، والشوارع والأحياء المرتبة، ليست نتاج صدفة، بل ثمرة عمل يومي مضنٍ، وارتباط عميق بالمكان والمسؤولية.

لكن، ورغم هذا الدور الجوهري، لا تزال أوضاعهم المهنية والاجتماعية دون التطلعات. إنهم بحاجة إلى الاعتراف، لا في الكلمات فقط، بل في الحقوق والظروف والكرامة المهنية. فأن تكون نظيفًا في مظهرك، لا بد أن يعني أيضًا أنك نظيف في معاملتك لغيرك، وتقديرك لِمن يصنع نظافتك.

إن الحديث عن هؤلاء لا يجب أن يكون موسمياً، ولا ظرفياً، بل واجبًا دائمًا. لأن من يصون بيئة المدينة، يستحق أن تُصان كرامته هو أيضًا.

فليتوقف الجميع لحظة، وليلتفتوا إلى من هم في الخلف… إلى من يصنعون المشهد دون أن يظهروا فيه.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة