حي الغفران نموذجًا: بين جهد الجهات المسؤولة وتقصير بعض العمال

هيئة التحريرمنذ 6 ساعاتآخر تحديث :
حي الغفران نموذجًا: بين جهد الجهات المسؤولة وتقصير بعض العمال

في مدينة تتباهى بمشاريعها الحضرية وتلوّح بشعارات التنمية المستدامة، يظهر حي الغفران كنموذج حيّ لمعضلة أعمق: أزقة يمر منها عمال النظافة بشكل يومي، لكن الأزبال تظل ثابتة، لا تتغير ملامحها بين مساء البارحة وصباح اليوم. هذه الصورة ليست حكرًا على الغفران؛ بل هي انعكاس لواقع تعيشه أحياء أخرى، حيث يغيب أثر المجهود، ويصبح العمل شكليًا أكثر منه فعليًا.

المشكلة ليست في قلة الإمكانيات ولا في غياب المعدات، بل في تراجع الضمير المهني لدى بعض العمال. ففي الغفران كما في غيره من الأحياء، نلاحظ تكرار النمط ذاته: عربات تمر، مكانس تتحرك، لكن الشارع يبقى كما هو. وكأن المهمة تحولت إلى استعراض للحضور بدل أداء للواجب.

ورغم جسامة المسؤولية الملقاة على عاتق الجهات المسؤولة عن تدبير قطاع النظافة، فإنها تبلي بلاءً حسنًا في هذا الشأن، من خلال توفير الإمكانيات، وتأهيل المعدات، وضمان التغطية اليومية للأحياء. لكن المشكلة تكمن في الحلقة التنفيذية، حيث يتحول بعض العمال إلى مجرد ممارسين للروتين دون روح مهنية حقيقية.

إنها أزمة ضمير قبل أن تكون أزمة معدات. المطلوب ليس المزيد من الشعارات ولا مضاعفة الجهود الورقية، بل إعادة الاعتبار لقيمة العمل المتقن. على عمال النظافة أن يدركوا أن مدينتهم مرآة لجهدهم، وأن كل شارع نظيف هو شهادة تقدير لعملهم، وكل زقاق متسخ هو وصمة عار في جبين الحي والمدينة معًا. الرسالة واضحة: لنُعيد للمكان كرامته ولنمنح للمهنة روحها. حي الغفران كان المثال، لكن الإصلاح يجب أن يشمل الجميع، لأن نظافة مدينة كاملة تبدأ من مكنسة واحدة تمسكها يد تقدر قيمة ما تقوم به.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة