تستعد المملكة المغربية للكشف عن صيغة مُحدَّثة لمبادرة الحكم الذاتي الخاصة بالأقاليم الجنوبية، في خطوة سياسية تعكس جدية الرباط في الدفع نحو حل نهائي يقوم على الواقعية والتوافق الدولي. وتأتي هذه المبادرة الجديدة لتؤكد التزام المغرب بمسار سياسي مستدام يعزز الاستقرار ويقرب وجهات النظر داخل الإطار الأممي.
ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، جدد التأكيد على أن المغرب يظل متشبثًا بمقترح الحكم الذاتي باعتباره الحل الواقعي الوحيد، موضحًا أن المملكة لا ترفض مبدأ تقرير المصير، لكنها ترفض حصـره في تصورات قديمة لم تعد مواكبة للتطورات السياسية والقانونية الحالية. كما شدد على أن الحديث عن آلية دولية لمراقبة تنفيذ الحكم الذاتي غير مطروح، بالنظر إلى الثقة الدولية الكبيرة في المبادرة المغربية والدعم المتزايد الذي تحظى به.
وتتطلع الرباط إلى دعوة جديدة من المبعوث الأممي ستافان دي ميستورا لإطلاق جولة أخرى من المفاوضات، المرتقب أن تستضيفها الولايات المتحدة بمشاركة الأطراف الأربعة. وتؤكد مصادر دبلوماسية أن النسخة المحيّنة من المبادرة تأخذ في الحسبان التحولات الدستورية والتنموية التي عرفتها البلاد خلال السنوات الأخيرة، ما يمنحها قوة تفاوضية أكبر ويجعلها أكثر انسجامًا مع الواقع.
ويرى خبراء سياسيون أن هذه الخطوة تعكس رؤية ملكية ثابتة تعتبر الحكم الذاتي صيغة منسجمة مع مبدأ تقرير المصير وفق قرار الجمعية العامة 1514، مع إمكانية اعتماد استشارة ديمقراطية للسكان في المستقبل. ويشير هؤلاء إلى أن التطورات الدولية أضحت تنظر إلى تقرير المصير ضمن إطار السيادة الوطنية، وهو ما يجعل المقاربة المغربية محل إجماع متزايد.
كما تؤكد التحليلات أن المغرب يدخل المرحلة التفاوضية المقبلة بثقة أكبر، مدعومًا بتراكم الاعترافات الدولية بمصداقية مقترحه وبنجاحه في إشراك مختلف القوى الوطنية في بلورة النسخة الجديدة للمبادرة. وتبرهن هذه الدينامية على قدرة المملكة على إدارة ملف الصحراء بفعالية، مما يجعل المقترح المغربي قاعدة صلبة لأي تسوية مستقبلية ويفتح الباب أمام أفق سياسي واضح لحل دائم للنزاع.













