بدر شاشا باحث
تتزايد تجاوزات بعض أرباب العمل في عدة قطاعات حيوية، كالحراسة والنظافة، وتمتد إلى المطاعم والمقاهي والعيادات الطبية، حيث يتفشى فيها غياب العقود القانونية، والتحايل على التصريح بالأيام، ما يترك العديد من العمال في حالة من الهشاشة الاجتماعية ويعرض حقوقهم للضياع. هذه التجاوزات تتجلى في أساليب متكررة تحرم العامل من حقوقه الأساسية، وتهدد استقرار حياته وحياة أسرته.
في قطاعي الحراسة والنظافة، تُلاحظ تجاوزات صارخة تتمثل في تشغيل العمال لفترات قصيرة، ثم استبدالهم بعمال آخرين بشكل دوري، حتى لا يكونوا مطالبين بتوفير عقود عمل أو تغطية صحية. بعض أرباب العمل يتلاعبون بالتصريحات الخاصة بعدد الأيام التي اشتغل فيها العامل، حيث يتم التصريح بعدد أقل من الأيام الفعلية التي قضاها العامل، ما يؤدي إلى تقليص حصته في التعويضات الاجتماعية.
وهذه الممارسات لا تقتصر على قطاعي الحراسة والنظافة فقط، بل تمتد إلى المطاعم والمقاهي والعيادات الطبية، حيث يعمل العديد من العمال بدون عقود عمل واضحة أو تغطية صحية. يستغل بعض أرباب العمل في المطاعم والمقاهي حاجة الشباب للعمل، ويقومون بتوظيفهم لفترات قصيرة أو متقطعة دون التصريح بأيام العمل الفعلية، ما يعرضهم للحرمان من حقوقهم الاجتماعية. كما أن بعض العيادات الطبية تستعين بمساعدين وإداريين يعملون بدون عقود، وعند وجود تفتيشات من قبل اللجان، يُطلب منهم التظاهر بأنهم عمال جدد أو أنهم في فترة تدريبية، رغم سنوات طويلة قضوها في العمل داخل العيادة.
وتستمر هذه الممارسات في ظل غياب الرقابة الفعلية والمستمرة من الجهات المختصة، ما يجعل العمال عرضة لاستغلال مفرط في بيئات عمل غير مستقرة، ودون أي ضمانات قانونية أو اجتماعية. الأمر يستدعي تدخلاً صارمًا من وزارة التشغيل، والتي يجب عليها تعزيز آليات التفتيش والمراقبة، وتفعيل مساطر قانونية تحمي العمال من هذه التجاوزات.
لا يمكن أن يستمر وضع العمال على هذا الحال، حيث يتقاضون أجورًا زهيدة مقارنة بحجم عملهم، ولا يُصرح لهم بكامل الأيام التي يعملون فيها، ما يؤثر على حقوقهم في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ويحد من استفادتهم من التغطية الصحية والتقاعد. كما أن أنظمة العمل المؤقت، رغم أنها تحقق أرباحًا لأصحاب العمل، إلا أنها تشكل عذابًا مستمرًا للعمال الذين يجدون أنفسهم أمام تحديات يومية لتحقيق الاستقرار الوظيفي.
إنَّ تدخل وزارة التشغيل بات ضرورة ملحة لضمان احترام حقوق العمال ووقف استغلالهم في قطاعات تعاني من التجاوزات. يجب تطبيق القانون بصرامة، ومعاقبة كل من يثبت تورطه في هذه المخالفات، وتكثيف الزيارات الميدانية من قبل لجان التفتيش لضمان تطبيق التشريعات على أرض الواقع وحماية كرامة العمال.