“قانون مالية 2026.. رقابة ضريبية دقيقة وحصار محكم على الأموال الهاربة”

هيئة التحريرمنذ ساعتينآخر تحديث :
“قانون مالية 2026.. رقابة ضريبية دقيقة وحصار محكم على الأموال الهاربة”

يبدو أن الحكومة المغربية تتجه بخطى حازمة نحو مرحلة جديدة من الانضباط الجبائي، وفق ما تكشفه مضامين مشروع قانون المالية لسنة 2026، الذي يضع محاربة التهرب الضريبي والرفع من الشفافية المالية في قلب أولوياته. المشروع لا يكتفي بإصلاح تقني محدود، بل يقدم رؤية متكاملة تقوم على توسيع قاعدة المراقبة وربط كل معاملة مالية بأثرها الضريبي الملموس.

ففي إطار هذه المقاربة، يقترح المشروع إحداث واجب تسجيل إضافي بنسبة 2% على كل عقود تفويت العقارات أو الأصول التجارية التي لا تُثبت وسائل أدائها القانونية، سواء عبر الشيك أو التحويل البنكي. هذا الإجراء يقطع الطريق أمام المعاملات النقدية غير المصرح بها، ويجبر المتعاملين على توثيق عملياتهم داخل القنوات الرسمية، مع التأكيد أن أداء هذا الواجب لا يعني بأي حال إعفاءهم من المراقبة الجبائية، ما يعكس نية الدولة في تشديد قبضتها على كل حركة مالية مشبوهة.

وفي خطوة أخرى لتعزيز الشفافية، وسّع المشروع نطاق نظام الاقتطاع عند المنبع ليشمل هذه المرة عائدات كراء العقارات المدفوعة ليس فقط للأفراد، بل أيضًا للشركات والأشخاص الخاضعين للضريبة المهنية، مع تحديد نسبة اقتطاع تصل إلى 5% من المبلغ الإجمالي للأكرية، قابلة للاسترجاع لاحقًا.

أما على مستوى أرباح رؤوس الأموال المنقولة، فقد تم تعديل آجال الأداء لتصبح في حدود 30 يومًا من تاريخ عملية التفويت، عوض النظام السنوي السابق، في مسعى لتقليص فجوة الزمن الضريبي وتحسين تدفق الموارد نحو الخزينة العامة. كما استحدث المشروع إقرارًا سنويًا خاصًا بالمداخيل ذات المصدر الأجنبي، في إشارة واضحة إلى توسيع الرؤية الجبائية لتشمل حتى المعاملات العابرة للحدود.

بهذه الإجراءات، يكرّس مشروع قانون المالية لسنة 2026 فلسفة جديدة في الإدارة الضريبية تقوم على الرقابة الذكية والتتبع الدقيق للمداخيل، في أفق بناء اقتصاد أكثر شفافية وعدالة، يُحاسب فيه كل درهم على مصدره ومصيره.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة