بقلم ذ. احمد العهدي
بقلوب مؤمنة بقضاء الله و قدره ، يعتصرها الفقد ، ونفوس يثقلها الرحيل ، تلقّت ساكنة جهة الداخلة وادي الذهب، نعي وفاة قيدوم الإعلاميين بإذاعة الداخلة الجهوية، والزجال الكبير الذي عاصر احمد الطيب العلج ، والكاتب المسرحي الذي جايل الطيب الصديقي و عمي ادريس ، والأب الروحي للمسرح بجهة الداخلة وادي الذهب، المشمول بعفو الله عبد اللطيف الطيبي؛ مواليد 1949، بفاس، قصير القامةطولا ، لكنه كبير القيمة إبداعا و مرفوع الهامة عطاء.. له قصائد زجلية وطنيةو اجتماعية رائعة ، نسجها بروح گناوية تسري في عروقه هو ابن زاوية شرفاء مولاي ادريس ابن زرهون .. الراحل الفقيد بدا رحلته الاذاعية من دار البريهي بالإذاعة الوطنية بالرباط ، محتكا بايقونات من قبيل محمد بنددوش الذي اطلق عليه جلالة المغفور له الحسن الثاني لقب أسد الاذاعة، و مصطفى العلوي، فالتحق المرحوم باذاعة الداخلة ، ضمن الرعيل الاول ، منذ احداثها يوم رابع مارس 1980، فكان معد و مقدم برامج، من جملتها :” قالوا زمان” و ” قهوة الصباح” و ضيف و مهنة”، و ” وراء كل اغنية قصة” ، فضلا عن متابعات و تغطيات اعدها خارج الاستوديو. لذلك، لم يكن مجرد صوت في الأثير، ولا مجرد قلم على الورق، بل كان روحًا تُنير، ووجدانًا يُهذّب، وصاحب رسالة حملها بثبات وصدق حتى آخر لحظاته التي اسلم فيها روحه لبارئها.و كان قيد حياته هو من يشرف على تنظيم لوحات حفل ختام السنة الدراسية، بجانب مسعود لعلاوة…
لقد غاب عنا مبدع بالفطرة و موهوب بملكة الكتابة كان يُشبه الجهة التي أحبها ، ثابتًا كصحرائها، دافئًا كبحرها، كريمًا كنسيمها..غاب من كان يسكب من روحه على المسرح حياةً، ويمنح من كلماته للإذاعة معنى، ويبارك في قلوب شباب الجهة بذور شغف لا تذبل، هو الذي استقطب ممثلين شباب من ابناء الجهة فمارسوا المسرح و ذهبوا في مجاله بعيدا، من نماذجهم فاطمة الغالية الشرادي( دستورة) و سيدي احمد شگاف و عبد الله و مباركة ديدة و محمد معروف و ميالة بوعمود ، و سميرة و خديجة بغداد و توفيق شرف الدين…الخ
من اعماله المسرحية، و هي كثيرة، مثلت الجهة مرات بالمهرجان الوطني لمسرح الهواة ، نذكر على سبيل الذكر لا الحصر:”شطيح الموضة”، و
“شبح الالوان “، و “ملحمة المشعل الخالد” ، و “شيبوب فالقرن الواحد والعشرين “، و “سوق الابداع ” ، و “الساكت مشارك ” …
و من الرموز المسرحية بجهتنا التي اشتغلت معه طيلة مساره المسرحي الحافل ، و هو رائع ايضا تشخيصا، و ليس فقط تاليفا ، نذكر السادة :محمد الحلوي و الفيلالي عبد الرزاق و مسعود لعلاوة و خفيف رضوان و سيدي احمد شگاف و توفيق شرف الدين …
بوفاته و لفرادة ابداعاته ، لم تفقد الجهة فنانًا فحسب، بل فقدت ذاكرة و ايقونة ومُلهمًا وبوصلةً للجيل الذي تعلّم منه أن الإبداع موقف و شغف و تضحية، وأن الكلمة وعي و مسؤولية و امانة ، وأن المسرح وطن.
ننعاه اليوم بدمع لا يخجل، وبحزن يليق بقيمة الرجال الذين يصنعون أثرًا لا يُمحى، لان البقاء للاثر. ونعزّي أسرته الكريمة، وكل من جاوره في رحلة العطاء، وكل من حمل في قلبه شيئًا من محبة هذا الرجل الذي عاش كبيرًا ورحل كبيرًا، رحل عنا جسدا لكن روحه الإبداعية الخلاقة ستظل نبراسا وهاجا و ضياء قناديل محبة مشتعلة في اعماق خوالجنا .
فلترقد روحك الطاهرة صديقي العزيز في سلام! و نعاهدك الله ان تبقى قدوة و مرجعا و إشراق ذاكرة جهوية من سماتها الإبداع و تنقية و ترقية الذوق الجمعي..
ختاما ، نسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يغمُره بواسع رحمته التي وسعت كل شيء، وأن يُسكنه جنات النعيم، وأن يجعل إرثه الإذاعي و الإبداعي نورًا يجري في ميزان حسناته.ولأهله وأحبته، وللأسرة الإعلامية والمسرحية، صبرًا جميلاً وسكينةً تُلهم القلوب.إنا لله وإنا إليه راجعون.













