كواليس التدشينات بالداخلة: عندما يغيب المضمون وراء الصورة

هيئة التحريرمنذ ساعتينآخر تحديث :
كواليس التدشينات بالداخلة: عندما يغيب المضمون وراء الصورة

بقلم : الصغير محمد

شهدت مدينة الداخلة خلال الأيام الأخيرة تدشينات رسمية بمناسبة عيد المسيرة الخضراء المظفرة ومشاريع تم تسليط الضوء عليها إعلاميًا، ترافقها فيديوهات وصور أظهرت تقاربًا بين المنتخبين، أحاديث جانبية، ضحكًا، وحتى نصائح غير مسموعة للجمهور. هذه اللقطات، رغم ما فيها من ودية ظاهرية، تحمل في طياتها قراءة نقدية لا يمكن تجاهلها.

أول ما يلحظه المراقب هو الطابع الرمزي لهذه اللحظات: الضحك والمصافحات تُظهر انسجامًا، لكنها غالبًا مجرد مسرحية مصممة لتصوير الوحدة، بينما الواقع السياسي داخل المجالس المنتخبة أكثر تعقيدًا. السياسي يعرف متى يستخدم لغة القرب، ومتى يمارس الهجران السياسي، ومتى يكون الصلح خيارًا استراتيجيًا، بعيدًا عن كاميرات التدشينات.

ما يثير القلق هنا هو كيفية استقبال المواطن العادي لهذه المشاهد. القاصر فهمه عن السياسة قد يخلط بين الرمزي والعملي، بين الاجتماعي والسياسي، ويصبح عرضة لتصورات مبسطة ومضللة. فهو يرى الضحكات والحديث الثنائي غير المسموع، ويظن أن هذا هو جوهر العمل السياسي، بينما الحقيقة أن الكواليس مليئة بالمناورات، الحسابات، والاختلافات التي لا تُعرض على الملأ.

يستحق المواطن أن يعرف أن ما يُعرض في الفيديوهات ليس دائمًا انعكاسًا صادقًا لما يجري في المجالس: التدشينات تظهر النوايا والرموز، لكنها لا تكشف عن النقاشات الجدية، ولا عن الحسابات الدقيقة التي تحدد مستقبل المشاريع والبرامج المحلية.

في النهاية، النقد هنا ليس ضد الإنجازات بقدر ما هو ضد اختزال السياسة في صور وفيديوهات جذابة، وإيهام المواطن بأن ما يرى هو الحقيقة الكاملة. الوعي والفهم الحقيقيان يأتيان من متابعة القرارات والمشاريع، ومن التمييز بين المظهر الرمزي والقرار السياسي الجدي. المواطن الواعي وحده هو الذي يستطيع قراءة الواقع السياسي بحكمة، دون الانخداع بالكواليس المصورة.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة