لمغور تقلب الطاولة: الكذب أوكسجين خصومنا

هيئة التحريرمنذ ساعتينآخر تحديث :
لمغور تقلب الطاولة: الكذب أوكسجين خصومنا

في خضم النقاش البرلماني الساخن، خرجت ياسمين لمغور، النائبة البرلمانية عن حزب التجمع الوطني للأحرار، بردّ اعتُبر صريحاً وصادماً على تصريحات خصومها، وفي مقدمتهم عبد الإله بن كيران، رئيس الحكومة الأسبق، الذي ما يزال اسمه يُثير جدلاً كلما ذُكر في الذاكرة السياسية المغربية.

لمغور تساءلت بنبرة لم تخلُ من السخرية والجرأة: “أنا ما فهمتش السيد الوزير كيفاش شي واحد يجي اليوم ويقول بلي ماعندك علاقة بقطاع الصحة.. ربما تعوّد على وزراء يديرون الحلقة، وما مولفش بنوعية الكفاءات اللي كاينة اليوم.” جملة حملت في طياتها نقداً مزدوجاً: إشارة إلى زمن كان فيه الخطاب الشعبوي وسيلة للهيمنة على المجال العام، وتلميحاً إلى التحول الذي تعرفه لغة الدولة ومؤسساتها.

البرلمانية أعادت الذاكرة إلى سنة 2011، حين قاد ابن كيران الحكومة في لحظة استثنائية من تاريخ المغرب، ووصفت مساره قبل رئاسة الحكومة بأنه لا يتجاوز “مسير صالون”، قبل أن يتبنى خطاباً يطالب فيه الدولة برفع يدها عن قطاعي الصحة والتعليم، في وقت كان المواطنون يتطلعون فيه إلى تعزيز أدوار الدولة الاجتماعية لا تقليصها. هنا بدا واضحاً أنها أرادت فضح التناقض: من رفع شعار “الدولة يجب أن تتخلى”، إلى من يوزع اليوم “دروساً مجانية” في حماية المرفق العمومي.

لكن التصعيد لم يتوقف عند هذا الحد. لمغور وصفت خصومها بأنهم يتنفسون الكذب كما يتنفس المواطنون الأكسجين، في استعارة كثيفة الدلالة تحمل البعد الأخلاقي والسياسي معاً. إنها محاولة لوضع الحد الفاصل بين “سياسة الحيلة” و”سياسة الكفاءة”.

وفي جملة لافتة، قالت: “الحمد لله السيد الوزير، هاد الناس كانو صفحة سوداء في تاريخ المغرب ولكن المغاربة طواوها.” عبارة تختزل جوهر السجال: صراع على كتابة الذاكرة السياسية وتثبيت السردية الرسمية لما بعد 2011.

كما لم تغفل التذكير بأن حزبها، التجمع الوطني للأحرار، كان جزءاً من تلك الحكومات السابقة، بما فيها حكومة 2011، وكأنها بذلك تدفع عن حزبها تهمة “القطيعة الجذرية” أو “البراءة المطلقة”، مؤكدة على استمرارية الدولة والمؤسسات، قبل أن تختم بكلمة تحمل بعداً استراتيجيًا: رفض أي تحالف مستقبلي مع من أسمتهم “حزب العدميين”، لا في موقع الموالاة ولا في المعارضة.

بهذا الخطاب، لمغور لم تكتفِ بردّ سياسي عابر، بل رسمت حدوداً فاصلة بين زمنين: زمن “الشعبوية والازدواجية”، وزمن “البراغماتية والكفاءات”. وهو خطاب، وإن كان هجائياً في مضمونه، فإنه ينسجم مع مرحلة يسعى فيها حزبها إلى تقديم نفسه كبديل سياسي مؤسسي، لا مجرد فاعل انتخابي.

إنه مشهد آخر من مشاهد السياسة المغربية، حيث تتحول قاعة البرلمان إلى مسرح لصراع الرموز والذاكرة، أكثر مما هي فضاء لتقليب الملفات التقنية.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة