قد لايختلف إثنان أن قطاع السكن من أهم القطاعات الحسّاسة التي من المفروض أن تولي لها الدولة الأهمية القصوى ، لأن السكن يُعتبر من أساسيات الحياة التي لا غنى عنها، فبغيابه لا يستطيع المواطن أن يتزوّج أو أن يكوِّن أسرة، أو أن يحقّق الاستقرار النفسي أو المعنوي أو حتى المادي.
فالمشاكل التي ترتبط بالسكن قد تحتاج إلى سنواتٍ طويلة، ولميزانيات ضخمة ، واستراتيجيات جهوية دقيقة متطابقة مع تلك الوطنية للتخفيف من حدَّة الأزمة التي لا يمكن القضاء عليها بوتيرة بطيئة ، فالدولة قد أقرَّت الكثير من صيغ الإسكان بهدف الإعمار والقضاء على دور الصفيح بالعديد من المدن ، هذا السكن وصيغه تكون في العادة مدعومة من طرف الدولة ، والتي تكون في الغالب موجّهة الى الفئات الهشّة والضعيفة أو المعدومة الدخل، والتي يعتبرها الكثيرون أحد المكتسبات الاجتماعية الأساسية التي لا يمكن الاستغناء عنها.
وعلى هذا الأساس يتساءل العديد من المواطنين عن سبب تأخر توزيع المساكن الإجتماعية على مستحقيها بمنطقة لمهيريز المحاذية للمعبر الحدودي الكركارات ؟ هذا السكن الذي قدّمت فيه الجهات المعنية ، الكثير من الوعود للمواطنين في إطار مخطّطاتها التنموية ، بأنها ستقوم بالقضاء على مشكل أزمة السكن نهائياً وذلك في ظرف سنوات قليلة فقط ، وكانت في كل مرة الساكنة تستبشر خيرا بقرب توزيع المساكن المتواجدة بالمنطقة المذكورة في إطار التشجيع على الحياة هناك وإعمار المدينة وجعلها ضمن المدن الحديثة التي تتوفر على كل مقومات العيش الكريم من تعليم وصحة وسكن ، إلا أن وضعية قطاع السكن والمشاكل الكبيرة التي يعيشها حالياً، وما يعرفه من تباطئ في توزيع المنازل المشيدة منذ زمن ، يطرحنا أمام إشكالية حقيقة يمكن إختزالها في : هل المصالح الإدارة بمنطقة لمهيريز الجنوبية عاجزة عن احتواء كل المشاكل التي تعانيها ساكنتها بخصوص السكن ، علما أن حرمان المواطنين من حقهم المكفول لهم قانوناً في استفادتهم من السكن عن طريق التأخر في توزيع المساكن المشيدة منذ سنوات ، يجعلنا نتعمق في طرح تساؤلاتنا عن الأسباب الحقيقية وراء ذلك التأخير !
وبالرغم من التطمينات الكثيرة بأن أزمة السكن سيتم القضاء عليها ، ولكن كل المؤشّرات تؤكّد بأن هذه الأزمة مازالت تراوح مكانها ، ما يضع الهيئات السٍّياسية والمصالح الإدارية أمام تحديات كبرى، في ظلِّ النمو الديمغرافي المتواتر وتنقل الكثير من المواطنين بحثا عن لقمة عيش والتوجه إلى منطقة لمهيريز جنوبا إضافة إلى أنها بوابة المغرب على إفريقيا ، وقربها الإستراتيجي من المعبر الحدودي الكركارات ، كل هذه التحديات يجب ان يتم التعامل معها وفق واستراتيجية جهوية دقيقة ومحكمة للتخفيف من حدَّة هذه الأزمة والتي لا يمكن القضاء عليها بسهولة في ظل ما تعرفه المساكن المشيدة هناك من تأخر في توزيعها على مستحقيها .