بقلم : أحمدو بنمبا
تعد المعارضة داخل المجالس المنتخبة بجهة الداخلة وادي الذهب بمثابة العمود الفقري للديمقراطية ، نظرا لدورها المحوري والفعال في البرامج المعدة للنقاش والتداول، فوجودها ضرورة ملحة لضمان مراقبة المجالس وللحيلولة دون تبني الرأي الواحد ، ولتكريس التنوع كمظهر من مظاهر التعددية السياسية ، و إضعاف نفسها بنفسها عملية مدمرة لتطلعات المواطن.
ولعل ما تمر به المعارضة داخل المجالس المنتخبة بجهة الداخلة في الوقت الراهن من تحديات كالضعف وفقدان البوصلة والتيه والاختلال يستدعي من الدارسين والمهتمين فحص نقاط الضعف التي تعرقل فاعليتها وتعيق تحولها لمعارضة قوية داخل المجالس المنتخبة ، باعتبار أن فهم مكامن نقاط الضعف خطوة أولى لتحقيق التأثير المرجو ، وفيما يلي استعراض لنقاط ضعف المعارضة :
1 ــ الاختلال البنيوي : تعاني المعارضة داخل المجالس المنتخبة الراهنة من اختلال بنيوي على صعيد الأفكار والنظم والهياكل، ففي معظمها كيانات وتكتلات الشخص الواحد أو الجهة أو العرق الواحد أو الأيديولوجيا الواحدة .
2- غياب مشروع سياسي معارض جدي ؛ فالمعارضة بالمجالس الترابية جهة الداخلة وادي الذهب رهينة تأدية أدوار محددة لها ، مع شكلية المشاريع السياسية لدى الطيف المعارض وعدم واقعيتها ولا أدل على ذلك عجزهم عن تنفيذ أي مشروع غداة وصولهم لتمثيلة شرائح المجتمع داخل المجالس المنتخبة .
3 ــ افتقاد المعارضة بالمجالس الترابية للديمقراطية داخل جدران أحزابها : فقادة المعارضة يستبدون بقرراتهم ولا يمارسون المرونة في إتخاذ القرارات بين كوادرهم إلا على أساس الثقة والمحسوبية والمصالح الذاتية؛ ولذا فإن فاقد الشيء لا يعطيه، فمن باب أولى أن تحقق المعارضة أولا الديمقراطية الحقيقية داخل أحزابها ثم بعد ذلك، تطالب بالديمقراطية داخل المجالس المنتخبة .
4ـــ تشظي المعارضة وتنافرها، واستفحال الانشقاقات داخلها : مما تسبب في ضعفها، وغياب رؤية للتعامل مع الأزمات، فكل صفوف المعارضة منشقة على نفسها، وفي حالة ضعف عام نتج عنه تشتت وانقسام وإجهاد يتزايد مع مرور الوقت؛ فضلا عن الخلافات والتخوينات بين الأطراف المختلفة المشكلة للمعارضة، بل وفي داخل كل طرف، مما جعل المعارضة داخل المجالس المنتخبة في أسوأ مراحلها كما الآن، ولم تقتصر أزمة المعارضة في ذلك فقط، بل تعمقت بانعدام الثقة بين أطرافها.
5ــ عجز القوى المعارضة الصاعدة عن ملء الفراغ : فلا زعامة المعارضة ومكتبها استطاعت أن تكون بديلا ولا حلا ، كما عجزت عن التنسيق بين مختلف المعارضين داخل المجالس المنتخبة بمختلف تلاوينها ( قروية ، حضرية ، جهوية ..) للعمل على قضايا محددة كالبطالة وتدهور القوة الشرائية للمواطنين مما من شأنه أن يعيد للمعارضة توافقها وتحالفها ضد المولاة وتحالفاتها وسياساتها ، ويبني الثقة بين مكوناتها، ويعيد تدريجيا لها الثقة الشعبية.
6ــ غياب القيادة المعارضة : فإلى الآن المعارضة داخل المجالس المنتخبة تتحرك بدون رأس، وجسدها مخدر، وبذلك حركيتها وفاعليتها متوقفة ، فلا توجد معارضة فاعلة بدون قيادة فاعلة قادرة على إدارة دفة العمل السياسي المعارض واقتناص الفرص والبحث عن بدائل.
7ــ غياب المعارضة ككيان واضح محدد له برامج وقيادات وتصورات في إدارة المرحلة أو الاعتراض على السياسات المنتهجة من طرف رؤساء المجالس التي لها أغلبيتها ، وتحولها لمجرد تسمية مؤسسة المعارضة التي لا وجود لها إلا بالإسم ، وعلى أرض الواقع فقعات سرعان ما تذهب أدراج الرياح.
8ــ غياب مشروع التغيير المعارض : حتى الآن القوى المعارضة الراهنة لا تحمل مشروعا للتغيير، وتكتفي برد الفعل على ما يفعله رؤساء المجالس المنتخبة ، هذا رد الفعل أصبح الموجه لبوصلتها، فهو من يحدد المبادرات وآليات التعاطي معها.
9 ـــ احتراق المعارضة : منذ انتهاج المعارضة “سياسة الصراخ” في ظل تصاعد وتأزم أوضاع المواطنين ، سقطت من أعين المواطن بسبب صمتها على سوء أوضاعهم والصراخ من اجل المصالح الشخصية ، وفقدت المصداقية لدى قطاع عريض من المواطنين ، وبالتالي احترقت ولم تعد تمثل أملا لدى أي مواطن، وفقدت بذلك الفاعلية والحركة والقدرة على التأثير، بل إن رجل الشارع يسأل اليوم ما هو الفرق بين المعارضة والأغلبية ؟
10ــ ضعف تأثير المعارضة على الشارع : بسبب موتها السريري وشللها النصفي ، فلا هدف للمعارضة الراهنة على ما يبدوا سوى المشاركة في الانتخابات فقط ، بدون أن تمتلك برنامج ورؤية ومشروع هادف يخدم المواطن بجهة الداخلة وادي الذهب .
وبناءا على ما سبق تبقى المعارضة داخل المجالس المنتخبة بجهة الداخلة وادي الذهب قاصرة عن الاستيعاب العميق للواقع السياسي الراهن فبغض النظر عن الظروف الذي تواجهها فإنها ملزمة بإدراك الواقع السياسي والإجتماعي والإقتصادي للجهة ككل ، حتى وإن حاولت تبديل جلدها ، وهي بالمختصر ساهمت ولو بشكل غير مباشر في تدمير الحياة السياسية والقضاء على كل أشكال المعارضة ، مما يتطلب منها أن تنتج عمل مسرحي جديد يستوعب الطابع السياسي المتغير والعصي !