شاشا بدر
تعد الضرائب من أهم مصادر التمويل لأي دولة، فهي تساهم في تمويل المشاريع التنموية، وتحسين البنية التحتية، وتوفير الخدمات العامة. في المغرب، تبذل الدولة جهودًا كبيرة لمكافحة التهرب الضريبي باعتباره أحد العوائق التي تحول دون تحقيق العدالة الضريبية والتنمية المستدامة. ومن بين الجوانب التي تشهد تهربًا ضريبيًا كبيرًا، تأجير المنازل والبيوت المنفردة، حيث يستفيد العديد من الأفراد من مداخيل الإيجار دون التصريح بها، مما يؤدي إلى خسائر كبيرة لخزينة الدولة.
في هذا المقال، سنناقش واقع التهرب الضريبي في قطاع تأجير العقارات السكنية، وآثاره السلبية، والإجراءات الممكنة لمكافحته، مع تقديم حلول عملية لضبط هذا النشاط وتعزيز العدالة الضريبية.
واقع التهرب الضريبي في تأجير المنازل بالمغرب
يعتمد الكثير من المواطنين المغاربة على تأجير منازلهم أو بيوتهم المنفردة كوسيلة إضافية للدخل، سواء عن طريق الإيجار الطويل الأمد أو عبر الإيجارات السياحية قصيرة الأجل. لكن، يظل جزء كبير من هؤلاء الملاك لا يصرحون بهذه المداخيل لمصلحة الضرائب، ما يشكل ظاهرة واسعة النطاق.
يعود هذا التهرب الضريبي إلى عدة أسباب، من بينها:
. غياب الرقابة الفعالة: يصعب على السلطات مراقبة جميع العقارات المؤجرة، خصوصًا عندما تتم المعاملات نقدًا أو دون عقود رسمية موثقة.
. ضعف ثقافة الامتثال الضريبي: يرى بعض الملاك أن دفع الضرائب على مداخيل الإيجار ليس ضروريًا، خاصةً مع غياب المتابعة الحازمة.
. الفراغ القانوني والثغرات التنظيمية: رغم وجود قوانين تلزم الملاك بالإفصاح عن مداخيلهم، فإن تطبيقها يظل غير فعال بسبب غياب آليات صارمة لضبط القطاع.
. الاعتماد على الوسائل التقليدية: لا تزال عمليات التأجير تتم في الغالب دون استخدام المنصات الرقمية أو التسجيل الرسمي، مما يجعل تعقبها أكثر صعوبة.
الآثار السلبية للتهرب الضريبي في تأجير العقارات
يؤثر التهرب الضريبي في هذا المجال سلبًا على الاقتصاد الوطني والعدالة الاجتماعية، حيث يترتب عليه عدة نتائج، منها:
. خسارة الدولة لمداخيل ضريبية هامة: يؤدي التهرب الضريبي إلى حرمان الخزينة العامة من موارد مالية يمكن استثمارها في تحسين الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم والبنية التحتية.
. عدم تكافؤ الفرص بين الملاك: في حين يلتزم بعض الملاك بالقوانين ويدفعون الضرائب على الإيجار، يتهرب آخرون، مما يخلق بيئة غير عادلة في السوق العقاري.
. ضعف شفافية السوق العقاري: عدم تسجيل الإيجارات رسميًا يؤدي إلى عدم وضوح الأسعار الحقيقية، مما يؤثر على الاستثمارات العقارية والقدرة على تقييم السوق بدقة.
. زيادة الضغط الضريبي على الفئات الملتزمة: عندما يتهرب البعض من دفع الضرائب، تضطر الدولة إلى فرض ضرائب أعلى على الفئات الملتزمة لتعويض النقص، مما يزيد من الشعور بعدم الإنصاف.
الإجراءات المقترحة لمكافحة التهرب الضريبي في تأجير المنازل
لمواجهة هذه الظاهرة، ينبغي اتخاذ إجراءات صارمة وفعالة لضمان تسجيل جميع مداخيل الإيجار وإدراجها ضمن النظام الضريبي. وفيما يلي بعض الحلول المقترحة:
. إلزام التسجيل الإلكتروني لعقود الإيجار
يجب تطوير منصة إلكترونية تلزم الملاك بتسجيل جميع عقود الإيجار، سواء طويلة الأجل أو قصيرة الأجل، وربطها مباشرة بالإدارة الضريبية. سيمكن هذا النظام من تعقب جميع العمليات وضمان عدم التهرب.
. تعزيز الرقابة وتكثيف التفتيش الضريبي
يمكن لفرق التفتيش الضريبي تكثيف جهودها من خلال زيارات ميدانية للعقارات المؤجرة، بالإضافة إلى الاعتماد على تقارير المواطنين والمؤجرين للإبلاغ عن أي تهرب ضريبي.
. فرض غرامات صارمة على المتهربين
ينبغي تشديد العقوبات المالية على الملاك الذين لا يصرحون بمداخيل الإيجار، مع فرض غرامات تصاعدية قد تشمل إلغاء بعض الامتيازات الضريبية للمخالفين.
. تشجيع الامتثال الطوعي
يمكن تقديم حوافز للملاك الذين يلتزمون بتسجيل عقود الإيجار ودفع الضرائب، مثل تخفيضات ضريبية جزئية، أو إعفاءات مؤقتة للمتهربين الذين يبادرون بالإفصاح عن مداخيلهم.
. تفعيل التعاون مع منصات التأجير السياحي
نظرًا لانتشار الإيجارات السياحية عبر منصات مثل “Airbnb” و”Booking”، ينبغي إلزام هذه المنصات بالإفصاح عن المعاملات المالية للمستخدمين المغاربة، وربطها مباشرة بالإدارة الضريبية لضمان تسجيل جميع المداخيل.
. تعزيز التوعية الضريبية
يجب إطلاق حملات توعوية لتثقيف المواطنين بأهمية دفع الضرائب وكيفية الامتثال للأنظمة الضريبية، مع توضيح العقوبات المحتملة على المتهربين.