منتدى الداخلة.. حين يتقاطع الاقتصاد بالسياسة في الصحراء المغربية

هيئة التحريرمنذ ساعتينآخر تحديث :
منتدى الداخلة.. حين يتقاطع الاقتصاد بالسياسة في الصحراء المغربية

تستعد مدينة الداخلة لاحتضان منتدى اقتصادي مغربي ـ أمريكي يومي 23 و24 شتنبر، ينظمه المعهد الجمهوري الدولي بشراكة مع مجلس جهة الداخلة وادي الذهب. غير أن أهمية الحدث تتجاوز مجرد اجتماع اقتصادي لترويج ميناء الأطلسي، إذ يتحول المنتدى إلى منصة سياسية تكشف تزايد انخراط الولايات المتحدة في رسم مستقبل المنطقة.

فالولايات المتحدة، عبر مؤسسة التمويل الدولية للتنمية (DFC)، تضع خططاً لاستثمارات تصل إلى خمسة مليارات دولار في الصحراء، في خطوة تتجاوز البعد المالي إلى ما هو استراتيجي: تثبيت حضور أمريكي مباشر في مشروع المغرب التنموي بالأقاليم الجنوبية، وربطه بأجندة أوسع في إفريقيا.

اللافت هو الحضور المرتقب لوجوه جمهورية بارزة في الكونغرس، دان سوليفان، ليندسي غراهام وتوم كوتون، المعروفين بقربهم من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وبمواقفهم المعلنة لصالح المغرب. إن هذا الاصطفاف السياسي لا يمكن عزله عن سياق الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، بل يندرج في مسعى لإعادة إنتاجه عملياً عبر مبادرات اقتصادية واستثمارية، تجعل من الداخلة مركز ثقل إقليمي في معادلة الجغرافيا السياسية.

إن المنتدى، في جوهره، ليس مناسبة للترويج لميناء الأطلسي فحسب، بل تعبير عن مسار متصاعد لتحويل الصحراء المغربية إلى فضاء استراتيجي تتقاطع فيه المصالح الدولية. فالمغرب، بقيادة الملك محمد السادس، يسعى إلى ربط مشاريع البنية التحتية الكبرى بعمقه الإفريقي، في وقت تحرص واشنطن على إبقاء موطئ قدم مؤثر في جنوب المغرب، بما يوازن نفوذ قوى أخرى في القارة.

وليس من قبيل المصادفة أن يتزامن المنتدى مع تجديد أعضاء في الكونغرس تأكيدهم بالرباط على الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء. فالرسالة واضحة: الاعتراف لم يعد بياناً سياسياً عابراً، بل يتجسد في خطط استثمارية، في حضور سياسي رفيع، وفي دعم متواصل للمبادرة المغربية للحكم الذاتي.

إن ما يجري في الداخلة هذه الأيام يتجاوز حدود مدينة تتأهب لمنتدى اقتصادي، إلى حدث يكشف عن دينامية إقليمية جديدة، حيث تصبح التنمية أداة سياسية، ويغدو الاستثمار عنواناً لمعادلات السيادة والشرعية في المنطقة.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة