من دوار ورلاغ إلى التحفة الرياضية: قصة صلاح الدين ماحي ومعنى الإرادة

هيئة التحريرمنذ 3 ساعاتآخر تحديث :
من دوار ورلاغ إلى التحفة الرياضية: قصة صلاح الدين ماحي ومعنى الإرادة

ليس النجاح مجرد حكاية فردية عن شابٍ نال شهادة أو ارتقى في سلم المسؤولية، بل هو قبل ذلك تعبير عن طاقة كامنة في مجتمع يريد أن يتحرر من قيود التهميش والقدرية. في سيرة المهندس صلاح الدين ماحي، ابن دوار ورلاغ التابع لجماعة أفورار بإقليم أزيلال، ما يستحق أن يُقرأ بعمق، لأنها ليست مجرد رحلة من الهامش إلى المركز، بل هي رمز لإمكانية تحويل الطموح إلى فعل، والفعل إلى إنجاز.

ماحي، الذي تدرج من ثانوية سد بين الويدان حيث نال الباكالوريا في شعبة العلوم الرياضية سنة 2012، إلى الأقسام التحضيرية ببني ملال، ثم إلى المدرسة الحسنية للمهندسين بالدار البيضاء، لم يكن مجرد طالب يسير وفق المسار المرسوم. لقد كان يراكم تجربة معرفية وشخصية، تُظهر أن التعليم حين يقترن بالانضباط والشغف، يصبح سلّمًا يرتقي به أبناء القرى والجبال إلى مواقع الفعل في قلب الدولة.

تجربته مع شركة متعددة الجنسيات بالدار البيضاء، ثم عودته إلى وزارة التجهيز بالرباط، حيث أشرف على مشاريع كبرى قبل أن يُعيّن على رأس مشروع بناء ملعب مولاي عبد الله، ليست مجرد انتقال وظيفي. إنها انعكاس لفكرة أوسع: أن الكفاءة لا تنغلق على ذاتها، بل تبحث عن مجال أرحب لتخدم فيه الصالح العام.

هنا يكمن جوهر الدرس: لا تُختزل القصة في “ابن دوار صار مديرًا”، بل في أن الإرادة الفردية حين تتشابك مع الفرص المؤسسية يمكن أن تُعيد رسم خرائط الأمل لجيل كامل. فالمهندس ماحي لم يغادر موقعه الاجتماعي إلا ليعود إليه بصورة أخرى: شاهدا على أن أبناء المناطق البعبدة ليسوا عبئا على المركز، بل هم طاقته الكامنة.

إن بناء ملعب مولاي عبد الله ليس حدثًا تقنيًا صرفًا، بل هو تجلٍّ لمعنى رمزي: أن ما يُشيد في الحجر، يوازيه ما يُشيد في الوعي. والوعي هنا هو أن المغرب في حاجة إلى أبنائه جميعًا، من ورلاغ إلى الرباط، لكي تتسع دائرة الفعل وتتقلص مساحة الانتظار.

صلاح الدين ماحي مثالٌ يذكّرنا بأننا حين نؤمن بالقدرة على الحلم والعمل معًا، يصبح ما كان يبدو بعيدًا في متناول اليد. والرسالة الأهم: لا مكان للانهزامية في وطن يصنع أبناءه من أبسط القرى وأضيق الأزقة إلى أوسع المنصات.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة