مما لا جدال فيه أن المجتمعات بطبيعتها تبحث عن انتخاب الشخص الصالح والنظيف الذي لا تحوم حوله شبهات الفساد ، لكي يتولى شؤون المواطن ويحقق مطالبه ويدافع عنه حتى أنه يكون حلقة وصل بين الإدارة والمواطن ، ولكن الواقع السياسي قد لا يبدو بهذا الإشراق، بل على العكس تماماً، يقوم كثير من الناس، خاصة في المدن الحديثة العهد بالديمقراطية ، كالداخلة على سبيل المثال ، بانتخاب أو إعادة انتخاب سياسيين تحوم حولهم شبهات فساد ، أو حتى ثبتت عليهم التهمة في هذا السياق ، ربما تكون جهة الداخلة هي أحدث مثال على هذا الواقع , فلماذا يلجأ نسبة كبيرة من المواطنين إلى انتخاب أشخاص رغم شبهات الفساد التي تحوم حولهم ؟ وهل جهة الداخلة هي الحالة الديمقراطية الوحيدة التي يصل فيها متهمون بالفساد إلى مناصب المسؤولية ؟
في الحقيقة فإن مثال الداخلة ليس استثناء، بل هو حالة طبيعية ومتكررة وفقاً لكثير من الدراسات التي تناولت دراسة حالات مشابهة لفهم سبب قيام المجتمعات -خاصة حديثة العهد بالديمقراطية- بالاستمرار في انتخاب أو إعادة انتخاب أشخاص تحوم حولهم شبهات بالفساد المالي.
لا غنى عن التأكيد هنا، أننا نتحدث عن مجتمعات ديمقراطية صاعدة وليس عن ديكتاتوريات أو ديموقراطيات مزعومة تُشرى فيها الأصوات وتُزّور فيها النتائج ، وبالتالي قيام الناس بكامل وعيهم وإرادتهم بانتخاب أشخاص فاسدين ، فهم إذا يساهمون بشكل غير مباشر في إبقاء الوجوه المحروقة سياسيا في مناصبها ، التي لا تخدم المواطن بل و تتخذ من المنصب مرتعا خصبا لزيادة الرصيد البنكي وبالتالي ترسيخ مفهوم الفساد في قناعات الموطن، الناتج عن الغياب التام للرقابة الذاتية والمتمثلة في الضمير والمبادئ والرقابة العامة والمتمثلة في القوانين والضوابط .
بقلم : أحمدو بنمبا