بقلم : أحمدو بنمبا
تحتفظ ذاكرة الموريتانيين بتجارب استثمارية عربية لم يُكتب لها الاستمرار ، ويرى المتابعون للشأن الإقتصادي الموريتاني ، أن الاهتمام المتأخر بالثروة السمكية جاء نتيجة غياب عادات وتقاليد مرتبطة بقطاع الصيد عامةً ، ونتج من ذلك إهمال شبه كلي في توجيه الاستثمارات الأجنبية ، بخاصة العربية منها، التي وجِهت بالدرجة الأولى إلى توفير البنية التحتية ومقومات الدولة الفتية والحديثة العهد بالاستقلال”.
وينضاف إلى ذلك أن قطاع الصيد شهد بعض المحاولات الجادة خلال حقبة الرئيس السابق محمد خونه ولد هيدالة ، تمثلت بجلب الرساميل العربية الخاضعة حينذاك في إطار العلاقات الثنائية للأنظمة السياسية ، مثل التجربة العراقية ، مع إنشاء الشركة العراقية – الموريتانية للصيد simar ومع النظام الليبي السابق وإنشاء الشركة العربية الليبية الموريتانية للصيد salimaurem وكذلك نموذج الشراكة مع الجزائر في الشركة الجزائرية الموريتانية للصيد almap تلك نماذج من الشراكة التي لم تعمّر طويلاً”.
إن الخيبات الإستثمارية في قطاع الصيد البحري التي عاشتها موريتانيا مع دول بعينها كان سببه المباشر ، الخلافات السياسية التي طفت على سطح العلاقات بين موريتانيا وبعض الدول العربية ، والتي ألقت بظلالها على مناخ الاستثمار بشكل عام لا سيما قطاع الصيد ، إذ أن اسباب فشل الاستثمار العربي في مجال الصيد الموريتاني جاء نتيجةً للاضطرابات السياسية الإقليمية وضعف البنية مع عدم قابليتها للصمود في وجه التغيرات السياسية ، بخاصة في موريتانيا التي عرفت في حقبة الثمانينات انقلابات عدة كانت في كل حقبة تفرز أنظمة متباينة المواقف من الملفات العربية” ، فالخلافات السياسية لطالما أثرت في الاستثمار العربي في موريتانيا، فالاقتصاد محكوم بأدوات السياسة.
في المقابل، تحتفظ موريتانيا بعلاقات اقتصادية ممتازة بالاتحاد الأوروبي، جعلته يعقد شراكة دائمة مع نواكشوط ، تتجدد كل أربع سنوات في مجال الصيد ، إذ تسمح موريتانيا لسفن دول الإتحاد الأوروبي بالصيد في مياهها في حدود 225 ألف طن سنوياً من الأسماك ، مقابل دفع 110 مليون دولار في السنة.
ويطرح السؤال في هذا السياق عن دور المال العربي في نسبة الاستثمار التي تعول عليها موريتانيا ، التي كان أخرها التعاون الجزائري الموريتاني في مجال الصيد ، ما يسمح للجزائر حصصًا سنوية للصيد في المياه الإقليمية الموريتانية ؟
وتبدو الاجواء مواتية لجذب استثمارات عربية أخرى إسوة بالجزائر ، إلى السوق الموريتاني بخاصة في مجال الصيد البحري ، فبعد اقرار قانون شراكة القطاعَين العام والخاص ، وما يوفره من فرص لإدخال الاستثمار العربي الى سوق الثروة السمكية ، إذ أن الدول العربية قد تستفيد من آليات مراجعة موريتانيا لاتفاقياتها في مجال الصيد مع الاتحاد الأوروبي لتحرر الحكومة الموريتانية من التزاماتها الأوروبية ، ليصبح بإمكان المستثمرين العرب ابرام عقود مع موريتانيا ، تُنعش اقتصادها ، وتُعرِّف الشعوب العربية على ثروتها الحقيقية.