بقلم : محمد الصغير
لم يكن طلب جعل الوظائف الشاغرة والعمل في مؤسسات القطاع الخاص حديث العهد ، فقد طالبت به هيئات ومؤسسات مدنية ، ترى أن جهة الداخلة تعاني إستغلال الكفاءات الوافدة على حساب الكفاءات المحلية التي تعاني شبح البطالة .
فإن كانت جهة الداخلة وادي الذهب تريد أن تكون سباقة في تنزيل مشروع الجهوية المتقدمة في شقه المتعلق بالموارد البشرية وتأهيلها ، فلزاما على المجالس المنتخبة والمؤسسات العمومية وضع سياسة محلية تقوم على تشغيل أبناء الجهة أولا ، وذلك في إطار السعي الحثيث على الحد من الفوارق الطبقية و تقليل نسب البطالة المتفشية في فئة شباب الجهة ، ولزاما كذلك على المؤسسات العمومية والمجالس المنتخبة أن تبحث عن خصاصها في كفاءات الجهة أولا حتى يتسنى لها أن تبحث عن كفاءات أخرى من مناطق أخرى وجهات أخرى ، لأن فكرة تدخيل الوظائف الشاغرة ، التي إنطلقنا منها كعنوان وتدخيل المناصب المالية ، مطلب يجب وأن يتحقق ، حتى ينعم أبناء جهة الداخلة بنوع من الإستقرار المادي وبالتالي مسايرة الحياة وتحدياتها ، خصوصا وأننا نعيش أزمة حقيقية متمثلة في إرتفاع أسعار المواد الأساسية والمحروقات و إرتفاع نسبة الفائدة بالنسبة للأبناك لتصل الى أعلى مستوياتها … إذ أن البعض يرى أن جل المهن والوظائف المتاحة كانت في الأصل لأبناء جهة الداخلة ، إلا أنها الآن باتت من نصيب أفراد وكفاءات من مناطق وجهات أخرى ، ما يجعل هدف تقليص نسب البطالة ومحاربة الهشاشة والفوارق الطبقية بين فئات المجتمع صعب ، والأصعب من ذلك هو عدم توفر مقومات توسيع الفئة المتوسطة التي لم يبقى إلا إسمها فقط .
إن طلب “تدخيل” المناصب الشاغرة والوظائف يشكل دعوة جديدة إلى الاعتماد على الكفاءات المحلية المؤهلة لإنضاج شروط ورش النموذج التنموي الجديد ، فهذه الدعوة موجهة إلى كافة الأطراف المعنية والمستهدفة، بإعتبار أن النموذج التنموي المرتقب سيكون بمثابة “عقد اجتماعي جديد يرتكز على التعاون المشترك بين الدولة والقطاع الخاص لتصحيح الرؤية والمسار ، فالمكانة الخاصة التي تحتلها الطبقة المتوسطة باعتبارها “شريان السلم والأمن الاجتماعي، في ظل واقع يؤكد أن السياسات المنتهجة منذ زمن بعيد مست هذه الطبقة بل جعلتها تابعة غير مبادرة و لا منتجة و لا مبتكرة” ، وكما أشرنا له فيما تقدم قي مقالنا ، يجعلنا نؤكد أن طلب “تدخيل” الوظائف الشاغرة هو مطلب يجب أن يتم الحسم فيه ، بل و يجب الإلتزام به ، حتى تكون جهة الداخلة رائدة في إحتضان أبنائها من الإكتواء بنار جحيم البطالة ، فتعزيز الاهتمام بالكفاءات الجهوية وتوسيع قاعدتهم يتطلب بروز مهن جديدة و إنضاج شروط تكوين مهني يكون في مستوى التحديات التي تواجه هذا القطاع من أجل تأهيله لجعله يتماشى مع متطلبات سوق الشغل، وهو ما يفرض ، “ضرورة تطوير وتحديث المناهج وتطوير البيداغوجية لتحسين قابلية تشغيل الكفاءات الجهوية ، وضمان ارتباط وثيق بين التكوين و التشغيل” ، وبالتالي تبقى المناصب والوظائف لأبناء الجهة فقط .
وفي هذا الصدد تبرز أهمية إحداث جيل جديد من مراكز التكوين المهني بما ينسجم والرهانات المنتظرة عقب إنشاء مدن المهن والكفاءات، حتى تسهم في إنجاح المبادرات الجهوية في مجال التشغيل التي ستعود بالنفع على جميع الفئات الاجتماعية وعلى وجه الخصوص فئة الشباب .
فتنزيل الجهوية المتقدمة كما أسلفنا هو مرتبط بوجود كفاءات جهوية ومحلية مؤهلة وقادرة على تفعيلها في ظل مراهنة الدولة على ميثاق اللاتمركز الاداري الذي يستوجب تكاثف الجهود بين مدبري الشأن المحلي والجهوي سواء تعلق الأمر بالمنتخبين أو المسؤولين الترابيين وجعل التسيير المحلي والجهوي من مناصب مالية وإدارية من نصيب أبناء الجهة، ما يجعلنا أمام تنزيل فكرة ومطلب تدخيل الوظائف الشاغرة وبالتالي تجاوز مرحلة الباب المسدود وتنزيل فكرة بضاعتنا ردة إلينا والمتمثلة في شباب من أبناء الجهة الذين يتم تأهيلهم وتكوينهم لشغل مناصب وتحسين الأداء المحلي والجهوي في إطار منسجم مع ما تدعو إليه مرتكزات الجهوية المتقدمة في شقها المتعلق بسياسة اللاتمركز الواسع الذي لن تستقيم بدون تفعيله في نطاق حكامة ترابية ناجعة قائمة على التناسق والتفاعل ، بهدف تحقيق أقصى النتائج في هذا المجال .
شرح المصطلحات :
تدخيل : مصطلح تم إستعماله كتعبير عن جعل الوظائف لساكنة جهة الدخلة فقط .