هل يمكن للمنتخبين أن يتعلموا من روح أشبال الأطلس؟

هيئة التحريرمنذ 4 ساعاتآخر تحديث :
هل يمكن للمنتخبين أن يتعلموا من روح أشبال الأطلس؟

بقلم: الصغير محمد

من المفارقات التي تختصر المشهد بشكل عام ، هو أن الفرح أصبح رياضيًا بامتياز، بينما الإحباط مقيم في أداء المنتخبين. فحين رفع أشبال الأطلس كأس العالم، عمّت البهجة كل بيت، كأن الوطن كله استعاد لحظة صفاء نادرة، بينما في الساحات العامة ومكاتب التصويت والمجالس المنتخبة، يتكرر الإحباط ذاته كل دورة انتخابية.

السؤال الجوهري هنا: لماذا نملك منتخبًا كرويًا يُبدع بروح جماعية وانضباط وذكاء، ولا نملك منتخبين سياسيين في المجالس والبرلمان يجسدون إرادة الناس في التنمية والكرامة؟ الجواب لا يختزل في الأشخاص، بل في منظومة تمثيلية هجينة تراكمت فيها الأعطاب منذ سنوات. فمنتخبونا في جهة الداخلة وادي الذهب، الذين حازوا ثقة المواطنين، لم يتحولوا بعد إلى قوة اقتراح أو فعل، بل إلى واجهات انتخابية تنشط زمن الحملة وتختفي مع أول اختبار حقيقي. المواطن هنا لا يطلب المستحيل، بل الحد الأدنى من الحياة الكريمة: شغل، سكن، صحة، وعدالة اجتماعية.

ومع ذلك، فإن المشهد المحلي يبدو محكومًا بمنطق “التدبير الإداري” لا “الرؤية السياسية”. فلا مشاريع مهيكلة قادرة على امتصاص البطالة المتفشية بين شباب الداخلة، ولا حلول مبتكرة لأزمة السكن التي تدفع العشرات للاعتصام أمام مساكن الجهة بتاورطة، في مشهد يعيدنا إلى السؤال الأعمق: هل المنتخبون المحليون فقدوا اتصالهم الفعلي بتطلعات المواطنين؟

ما فعله أشبال الأطلس هو تجسيد لما يمكن أن يفعله أي ممثل حقيقي للشعب: الإرادة الجماعية حين تتجرد من الأنانية والمصالح. اللاعب يرى في الفوز انتصارًا للوطن، لا لحزبه أو قبيلته. بينما في المجالس والبرلمان، يبدو أن المنتخبين تحولوا إلى وسطاء للمصالح الشخصية أكثر مما هم خدام للشأن العام. تأمل فقط المشهد العام: شباب يحتجون بحثًا عن فرصة حياة، ومجالس منتخبة تناقش صفقات وميزانيات بلا أثر ملموس في الميدان، ومبادرات تنموية تُعلن في البيانات أكثر مما تُترجم في الواقع.

إن الروح الجماعية التي رفعت علم المغرب عاليًا بفضل أشبال الأطلس، هي ما ينقص المنتخبين في الداخلة ووادي الذهب. فلو حملوا في قلوبهم ما يحمله أولئك اللاعبون من حب صادق للوطن، لتحولت الجهة إلى ورش تنموي مفتوح لا إلى مسرح دائم للوعود المؤجلة. التحول المطلوب ليس في الوجوه فحسب، بل في العقل السياسي المحلي. فالتمثيل لا يعني مجرد احتلال المقعد في المجلس أو البرلمان، بل بناء أفق للمواطن، وتحريك طاقات المجتمع في اتجاه إنتاجي وإبداعي. ولعل جهة الداخلة، بما تملك من ثروات بحرية وموقع استراتيجي، قادرة أن تكون نموذجًا مصغرًا لمغرب جديد، لو تحررت من منطق الريع والمحسوبية.

حين يتعلم المنتخبون معنى “اللعب الجماعي” من أشبال الأطلس، قد نبدأ باستعادة الثقة. فالوطن لا يحتاج إلى أبطال فرديين، بل إلى مؤسسات قوية وشخصيات نزيهة تحمل مشروعًا يتجاوز ذاتها. إلى أن يتحقق ذلك، سيبقى المشهد على حاله: نفرح في الملاعب، ونحزن أمام المقاعد الانتخابية.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة