في خطاب سامٍ بمناسبة الاحتفال بعيد العرش المجيد، أكد جلالة الملك محمد السادس نصره الله على قوة روابط البيعة بينه وبين الشعب المغربي، وعلى مشاعر المحبة والوفاء التي تجمع أبناء الوطن، والتي يزداد رسوخها مع مرور الزمن.
وشدد جلالته على أن هذه المناسبة هي فرصة لتقييم ما تحقق من مكاسب وطنية وما ينتظر المغرب من مشاريع وتحديات، مع الإيمان الراسخ بالمستقبل وبمستوى الثقة والتفاؤل الذي يميز المغرب اليوم.
وأوضح الملك أن مسيرة بناء مغرب متقدم، موحد ومتضامن، قد انطلقت منذ اعتلائه العرش، من خلال التنمية الاقتصادية والبشرية الشاملة، وتعزيز مكانة المغرب ضمن نادي الدول الصاعدة. وأكد أن ما تحقق من إنجازات هو نتيجة رؤية استراتيجية بعيدة المدى، واختيارات تنموية صائبة، إلى جانب الأمن والاستقرار السياسي والمؤسسي.
وفي هذا السياق، لفت جلالته إلى نجاح النموذج التنموي الجديد الذي ركز على اقتصاد تنافسي متنوع ومنفتح، حافظ على نسبة نمو مهمة رغم تحديات الجفاف والأزمات الدولية. كما أبرز النهضة الصناعية غير المسبوقة التي شهدها المغرب، حيث تضاعفت الصادرات الصناعية، وارتفعت قطاعات مثل السيارات والطيران والطاقة المتجددة والصناعات الغذائية والسياحة، لتصبح ركائز أساسية للاقتصاد الوطني.
وأشار الخطاب إلى تنوع شركاء المغرب الاقتصاديين، وثقة الأسواق العالمية في الاقتصاد الوطني بفضل اتفاقيات التبادل الحر، بالإضافة إلى توفر المغرب على بنية تحتية حديثة، تشمل مشاريع ضخمة في مجال القطار فائق السرعة والأمن المائي والغذائي والسيادة الطاقية.
وفي جانب التنمية الاجتماعية، أكد جلالة الملك أن الأهم هو أن تعود ثمار التنمية على تحسين ظروف عيش المواطنين في كل الفئات والمناطق، مشدداً على ضرورة تعميم الحماية الاجتماعية والنهوض بالتنمية البشرية. واستعرض نتائج الإحصاء العام للسكان لعام 2024 التي أظهرت تراجع الفقر متعدد الأبعاد وارتقاء المغرب إلى فئة الدول ذات التنمية البشرية العالية، رغم استمرار بعض المناطق، خاصة القروية، في مواجهة التحديات.
ودعا الملك إلى إحداث نقلة نوعية في التنمية المجالية، عبر اعتماد برامج تنموية ترابية جديدة ترتكز على الجهوية المتقدمة والتكامل والتضامن بين الجهات، مع التركيز على دعم التشغيل، وتقوية الخدمات الاجتماعية، وإدارة الموارد المائية بفعالية، وإطلاق مشاريع تأهيل ترابية متكاملة.
وفيما يخص المشهد السياسي، أكد جلالته ضرورة الاستعداد الجيد للانتخابات التشريعية المقبلة، مع فتح باب المشاورات السياسية لتحقيق شفافية ونزاهة العملية الانتخابية.
كما جدد الملك التزام المغرب بالانفتاح على محيطه الجهوي، مع التأكيد على أهمية العلاقة الأخوية مع الشعب الجزائري، معبراً عن رغبته في الحوار المسؤول والصريح لحل الخلافات العالقة، ومشدداً على أهمية الاتحاد المغاربي بمشاركة جميع الدول الشقيقة.
وفي ملف الصحراء المغربية، عبر جلالة الملك عن تقديره للمواقف الدولية الداعمة لمبادرة الحكم الذاتي كحل واقعي، مؤكداً حرص المغرب على حل توافقي يحفظ كرامة جميع الأطراف.
واختتم الخطاب بتوجيه التحية لكل مكونات القوات المسلحة الملكية والأجهزة الأمنية والإدارية، مع استذكار شهداء الوطن وأولياء العرش المجيدين، متذكراً قول الله تعالى: “فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف”.