الأهداف السبعة عشر للتنمية المستدامة وإشكالية تنفيذها

هيئة التحرير13 فبراير 2022آخر تحديث :
الأهداف السبعة عشر للتنمية المستدامة وإشكالية تنفيذها

الهدف رقم 1

 

إعداد :عبد الواحد بلقصري

باحث قي مركز الدكتوراه مختبر بيئة.تراب.تنمية بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة

تقـــــديم :

   سوف أحاول في هاته المقالات تبيان الأهداف السبعة عشر للتنمية المستدامة ،غاية منا توضيحها أولا وثانيا دراسة تقييمية لأهمية الاستراتيجيات الوطنية التي انبثقت عن هاته الأهداف (المملكة المغربية )،وسوف احاول أن ابرز كل هدف في مقالة ،وسوف ابدأ بالهدف الأول المتعلق بالقضاء على الفقر .

التحديد النظري لمفهوم التنمية المستدامة :

يتكون اصطلاح التنمية المستدامة من نقطتين :هما التنمية و المستدامة ومنه قبل ان تطرق لمفهوم التنمية المستدامة سنتطرق الى التنمية لغة :

التنمية في اللغة مصدر من الفعل نمى يقال انميت الشيء وتنميته وجعله ناميا .

التنمية اصطلاحا : يقصد بالتنمية الازدهار والتكاثر والزيادة والرضا تعنيه وهي سياق حركي يؤدي إلى الأشكال من وضع ساقين غير مرضي الى وضع لاحق يستجيب بكيفية مرضي الى حاجيات وطموحات الشخصية و الجماعية.

وكما عرفها عاطف غيث ان التنمية تعني التحرك العلمي المخطط لمجموعة من العمليات الاجتماعية و الاقتصادية تنم من خلال ايديولوجية معينة لتحقيق التغير المستهدف من اجل الانتقال من حالة غير مرغوب فيها الى حالة مرغوب الوصول إليها.

و كلمة المستدامة هما مأخوذة من استدامة الشيء اي طلب دوامه واستمراره ومن منطلقنا هذا تبين ان للتنمية المستدامة عدة تعاريف واختلفت باختلاف الحقب الزمنية الفكرية نوجزها فيمايلي : 

تعتبر رئيسة وزراء النرويج أنها أول من استخدم المصطلح التنمية المستدامة بشكل رسمي سنة1987 في تقرير مستقبلنا المشترك للتعبير عن السعي لتحقيق نوع من العدالة و المساواة بين الأجيال الحالية و المستقبلية أما البنك الدولي فيعتبر نمط الاستدامة هو رأس المال و عرف التنمية المستدامة بأنها تلك التي تهتم بتشجيع التكافؤ المحتمل الذي يضمن للأجيال القادمة وذلك بضمان ثبات راس المال والشامل او زيادة المستمرة عبر الزمن .

إن تقرير ريوديجنيرو وحسب جدول أعمال القرن 21 عرف التنمية المستدامة بانها تنمية يجب ان تحقق بطريقة توفقي وتساوي في ارضاء واتساع الحاجيات المرتبطة بالتنمية و البيئة للأجيال الحاضرة و المستقبلية.التزمت المملكة المغربية برفع تحديات القرن الواحد والعشرين من خلال اعتماد التنمية المستدامة كمشروع مجتمعي وكنموذج تنموي جديد ومتجدد، بفضل التوجهات المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله.

وقد تكرس هذا الالتزام كخيار استراتيجي منذ سنة 1992من خلال خطاب صاحب الجلالة بمناسبة انعقاد مؤتمر قمة الأرض الأولى بريو البرازيلية عندما كان وليا للعهد آنذاك والذي رسم من خلاله رؤيته للركائز الأساسية لبناء نموذج مجتمعي جديد.

ومنذ ذلك الحين، تم تفعيل هذا الالتزام بالمبادئ الأساسية للتنمية المستدامة من خلال سلسلة من الإصلاحات المتتالية بهدف بناء التنمية الاقتصادية على أسس صلبة وتحسين الظروف الاجتماعية، وتسريع وتيرة الإنجازات البيئية عبر اعتماد الإجراءات الوقائية والعلاجية.

والتنمية المستدامة تهدف إلى تحقيق توازن بين الاحتياجات المختلفة وأحيانا المتضادة من جهة، وبين الوعي بالمحدودية البيئية والمجتمعية والاقتصادية التي نوجهها كمجتمع من جهة أخرى.

التنمية المستدامة هي أسلوب للتغيير يكون فيه كل من

استغلال الموارد؛

توجيه الاستثمارات؛

توجيه التطور التكنولوجي  ؛

التغيير المؤسساتي ؛

في انسجام لتعزيز الإمكانيات الحالية والمستقبلية لتلبية احتياجات الناس وتطلعاتهم.

التنمية المستدامة يمكن أن تكون مفيدة على المستوى القريب والمتوسط للأجيال الحالية، ومفيدة على المدى البعيد للأجيال المستقبلية، على سبيل المثال: الحث على السير على الأقدام أو استخدام الدراجات الهوائية بدل السياقة، لا يحقق فقط توفيرا ماليا وتحسين الحالة الصحية للجيل الحالي فحسب، بل يتعدى ذلك إلى الحفاظ على البيئة للأجيال المستقبلية.

طرق التنمية المستدامة الناجحة يتوقع أن يتأثر بها كل واحد، ولكن أيضا يشترك فيها الجميع (المواطنون، الحكومات، المؤسسات الغير حكومية،المؤسسات الدولية، …إلى آخره).

مفهوم التنمية المستدامة من المفاهيم التي يكتنفها الكثير من الغموض واللبس من حيث صعوبة تقديم تعريف عملي لهذا المفهوم، وقد تم ملاحظة أن هذا المفهوم يحمل كل معنى يود المؤلفون عرضه في قضاياهم المختلفة مهما كان نوع وخلفية تلك القضايا.

بل وقد سخر البعض الآخر من أن غموض مفهوم التنمية المستدامة ربما كان السبب الرئيسي وراء شيوع وانتشار استخدام مفهوم التنمية المستدامة وبأن الاتفاق على هدف غير محدد قد يضفي المزيد.

من الغموض واللبس على الاختلافات المفهومة ضمنا وفي هذا الصدد، فقد قام العديد من الاقتصاديين، ومع زيادة الاهتمام بهذا المفهوم، بمحاولات كثيرة لتقديم تعريف أو تفسير لمفهوم التنمية المستدامة.

وفي هذاالإطاريمكن تصنيف تعريفات التنمية المستدامة  إلى قسمين رئيسيين: التنمية المستدامة هي التنمية المتجددة والقابلة للاستمرار.

التنمية المستدامة هي التنمية التي لا تتعارض مع البيئة

التنمية المستدامة هي تلك التي تضع مبدأ لانهائية للموارد الطبيعية.

بالنظر لهذه التعريفات المذكورة، ومثلها الكثير، نجد أنها أقرب للشعارات وتفتقد للعمق العلمي والتحليلي، وبالتالي قد لا تعطي المعنى الوافي لمفهوم التنمية المستدامة الذي يحتوي على أبعادومعاييرومؤشرات قدلاتسعهاالتعاريف المذكورة أعلاه.

تعريفات أكثر شمولا:

التنمية المستدامة هي التنمية التي تفي باحتياجات الأجيال الحاضرة دون المساومة على قدرة الأجيال المقبلة على الوفاء باحتياجاتها الخاصة؛

هي تنمية اقتصادية واجتماعية متوازنة ومتناغمة، تُعنَى بتحسين نوعيةالحياة مع حماية النظام الحيوي؛

هي تنمية اقتصادية واجتماعية مستمرة دون الإضراربنوعيةالمواردالطبيعية التي تستخدم في الأنشطة البشرية وتعتمد عليها التنمية؛

يعتبر التعريف الأول للتنمية المستدامة، والذي ورد ضمن تقرير “مستقبلناالمشترك، التعريف الأكثر شيوعاً، وأهممايُميزهذاالتعريف عن غيره من التعريفات التي وردت في أدبيات التنمية المستدامة هو احتواؤه على مفهومين أساسيين، وهمامفهوم الحاجات، خاصة مفهوم الحاجات الأساسية للفقراء والتي يجبأن تعطى الأولوية المطلقة، ثم ثانياً فكرة القيود التي تفرضها حالة التكنولوجيا والتنظيم الاجتماعي على قدرة البيئة للاستجابة لحاجات الحاضر والمستقبل.

ولكن يلاحظ بأنه وعلى الرغم من أن تلبية الحاجات والطموحات الأساسيةِ للبشرية هي الهدف الأساسي لنماذج التنمية المختلفة، إلا أنه لم تجر إلى الآنتلبية الحاجات الأساسية للأعداد المتزايدة من البشرية في البلدان الموصوفةبالنامية من الحاجات الأساسية والضرورية. 

وبالنظر لهذا التعريف المذكورضمن تقرير “مستقبلنا المشترك” نرى بأن التنمية المستدامة تقضي بتلبيةالحاجات الأساسية للجميع، وأيضاً بضرورة توسيع الفرصة أمام الجميع فيسبيل إرضاء طموحاتهم إلى حياة مستقبلية أفضل.

كما عرف المبدأ الثالث الذي تقرر في مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة والتنميةالذي انعقد في ريو دي جانيرو سنة 1992م التنمية المستدامة بأنها “ضرورةإنجاز الحق في التنمية” بحيث يتحقق على نحو متساو الحاجات التنموية والبيئيةلأجيال الحاضر والمستقبل.

 كما أشار المبدأ الرابع الذي أقره المؤتمر إلى أنه لكي تتحقق التنمية المستدامة ينبغي أن تمثل الحماية البيئية جزءاً لا يتجزأ من عملية التنمية ولا يمكن التفكير بمعزل عنها”. وهذان المبدآن اللذان تقررا باعتبارهما جزءا من جدول أعمال مؤتمر الأمم المتحدة الحادي والعشرين،ينطويان على بعض الدلالات الدقيقة بالنسبة لاستخدام وإدارة الموارد الطبيعية والنظام الإيكولوجي والبيئة.

وفي محاولة للربط مابين البيئةوالتنميةالاقتصادية،نجدأن التنميةّ المستدامة قد تم تعريفها على أنها محاولة للحد من التعارض الذي يؤدي إلى تدهور البيئة وذلك عن طريق إيجاد وسيلة لإحداث تكامل ما بين البيئة والتنمية الاقتصادية، وبأنها تمثل توافقاً ما بين احتياجات الجيل الحالي وتحسين نوعيةحياته في حدود الطاقة الاستيعابية للبيئة ووظائفها وكذلك احتياجات الأجيال المقبلة. 

بالإضافة للتعريفات القليلة المذكورة أعلاه لمفهوم التنمية المستدامة، نجدأن هنالك العشرات من التعريفات الأخرى المتوفرة لهذا المفهوم،والتي لايتسع مجال هذا البحث لذكرها، وفي هذا الصدد، فقد أورد المؤلف جون بيزيJohn Pezzyأكثر من أربعين تعريفاً لمفهوم التنمية المستدامة.

كما تعددت المصطلحات التي تعبر عن مفهوم التنمية المستدامة، فالبعض يعبر عنها بالتنمية المتواصلة، ويطلق عليها البعض الآخر التنمية الموصولة، ويسميها آخرون التنمية القابلة للإدامة، أو التنمية القابلة للاستمرار.

ويشكل الإنسان محور التعاريف المقدمة بشأن التنمية المستدامة حيث تتضمن تنمية بشرية تؤدي إلى تحسين مستوى الرعاية الصحية والتعليم والرفاه الاجتماعي، وهناك اعتراف اليوم بهذه التنمية البشرية على اعتبار أنها حاسمة بالنسبة للتنمية الاقتصادية،وبالنسبة للتثبيت المبكر للسكان.

وحسب تعبير تقرير التنمية البشرية الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي فإن “الرجال والنساء والأطفال ينبغي أن يكونوا محور الاهتمام – فيتم نسج التنمية حول الناس وليس الناس حول التنمية”. وتؤكد تعريفات التنمية المستدامة بصورة متزايدة على أن التنمية ينبغي.

أن تكون بالمشاركة، بحيث يشارك الناس ديمقراطيا في صنع القرارات التي تؤثر في حياتهم سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وبيئيا.

يحتل مفهوم التنمية المستدامة موقعا هاما ضمن آليات اشتغال الدرس السوسيولوجي اليوم، بحيث تلتقي نظريات سوسيولوجيا التنمية المستدامة عند مجموعة معينة من الغايات مثلما انطلقت من مجموعة من المسلمات، وفي سياق تناولنا لهذه الغايات سوف نحاول حصرها في مستويين أساسيين يمثلان معا محور التفكير السوسيولوجي ووجهته، وتصب فيهما أو تبرز من خلالهما الأبعاد النظرية الأخرى، وهما السوسيولوجيا البيئية وسوسيولوجيا التنمية . وبخصوص هذا المفهوم الذي وسم مجموعة من السوسيولوجيون بالمفهوم الغامض، نعثر على أطروحات متنوعة للتنمية المستدامة، وبناء على هذا الغنى يمكننا إيجاز فهم سوسيولوجي للتنمية المستدامة في نقطة أنه يجمع بين أبعاد التنمية المستدامة إلى جانب البعد الأخلاقي (المسؤولية الاجتماعية) في بوتقة التحكيمات والتفضيلات التي تتم أثناء صراع متغيرات التكنولوجيا والنظام الاقتصادي والسياسة والتفكير والسلوك، مما يعني أن المفهوم السوسيولوجي للتنمية المستدامة هو في الأصل نسق لتنظيم التفاعلات الواعية والمستمرة بين الاعتبارات الاجتماعية والأساليب التكنولوجية والبيئية والثقافية، التي تعد من المتطلبات الأساسية للتنمية التي تبقي القاعدة البيئية في حالة توازن مستدام

الأهداف السبعة عشر للتنمية المستدامة :

اعتمدت جميع دول الأعضاء في الأمم المتحدة في عام 2015أهداف التنمية المستدامة للقضاء على الفقر ،والحد من عجم المساواة وبناء مجتمعات أكثر سلما وازدهارا بحلول سنة 2030،هاته الأهداف التي تعتبر اهذافا عالمية وعددها سيعة عشر وهي :

1- القضاء على الفقر 

2- القضاء على الجوع

3- الصحة الجيدة والعافية 

4- التعليم الجيد

5- المساواة بين الجنسين 

6- الماء النظيف والصرف الصحي 

7-       الطاقة النظيفة وميسورة التكلفة 

8-        العمل اللائق والنمو الاقتصادي 

9-         الصناعة والابتكار والبني التحتية 

10- الحد من أوجه عدم المساواة 

11- مدن وأحياء مستدامة 

12- الاستهلاك والإنتاج المسؤولان 

13- العمل لأجل المناخ 

14- الحياة تحت سطح البحر 

15- الحياة على البر 

16- السلام والعدل والمؤسسات المتينة 

17- تعزيز وسائل التنفيذ وتنشيط الشراكة العالمية لأجل التنمية 

دراسة الهدف الأول للتنمية المستدامة :القضاء على الفقر بكل أشكاله

لايزال القضاء على الفقر بجميع أشكاله احد اكبر التحديات التي تواجه البشرية فعلى الرغم من ان عدد الأشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع ازداد ما بين سنتي  1990 و2015 حيث قدر العدد ب836 مليون نسمة فإن الكثيرين لا يزالون يكافحون من أجل تلبية الاحتياجات الإنسانية الأساسية وعلى الصعيد العالمي مازال أكثر من 80مليون شخص يعيشون على أقل من 1.25 دولار في اليوم وكثير منهم يفتقدون إلى الغذاء الكافي ومياه الشرب النظيفة والصرف الصحي ،وبالرغم مع أن النمو الاقتصادي الذي عرفته الصين والهند أنقذ العديد من ملايين الفقراء إلا أن العديد من سكان البشرية ما زالوا يعانون من عجم المساواة على العمل المدفوع الأجر والتعليم وحقوق الملكية بالإضافة إلا أن التغيرات المناخية وازدياد الصراعات زادت من عدد الفقراء في العالم ،ولا يزال أكثر من 1.3 مليار شخص يعيشون في فقر مدقع متعدد الأبعاد ونصفهم أقل من سن 18 سنة  .  

خلاصة

نخلص في الأخير آن الهدف الأول للتنمية المستدامة المتعلق بالقضاء على الفقر يعتبر أهم  وضعت على أساسه الدول استراتيجيها الوطنية ،لكن تبقى أزمة كورونا والنزاعات الإقليمية والسباق على التسلح وهيمنة الدول العظمى على الاقتصاد العالمي بواسطة شركاتها المتعددة الجنسية  زادت من الهوة الاقتصادية بين الشمال والجنوب كل هذا اثر على النمو الاقتصادي للدول الصاعدة في طريق النمو والدول المحدودة الدخل مما زاد من عدد الفقراء في العالم .

لائحة المراجع والهوامش :

انظر الموقع العالمي لليونسيف “اليونيسيف وأهداف التنمية المستدامة ” 

فكروني زاوي، التنمية المستدامة بين المفهوم ومتطلبات الواقع: قراءة سوسيولوجية، المجلة المغاربية للدراسات التاريخية والاجتماعية، المجلد 9، العدد 1، جوان 2018، ص 160

André Donzel, «Philippe Humman, Sociologie urbain et développement durable », Métropoles, (en ligne), 1 », 2013.

وصال نجيب العزاوي، 2003: ” مبادئ السياسة العامة” دار النشر والتوزيع اسامة، الطبعة الاولى، الاردن، عمان، ص3.

Thomas R. Dye, Understanding Public Policy: Theories and Issues, Red Globe Press, 2nd Ed, 2019.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة