ليس من شك في أن العالم اليوم يعيش فكراأمريكيا أحاديا، حيث إذا كان العالم عاش من قبل وفي فترات زمنية طويلة حروبا عسكرية وأيديولوجية طويلة الأمد، كانت في عمقها بألوان مختلفة، لون ديني ولون اقتصادي ولون سياسي،لكن اللون الديني كان هو السائد على مر التاريخ،وكل هاته الألوان يستخدمها الفكر الأمريكي ليتحكم في العالم وخيراته الاقتصادية.
وتعتبر الديمقراطية الأمريكية أهم مفهوم يستخدمه هذا الفكر الأحادي، حيث ساهم في تغییرات عديدة، حدثت على أركان البشريةوأصبحت القرية الصغيرة للعولمة النيوليبراليةمليئة بالفوضى والمشاكل المعقدة وأعطت انطباعات للرأي العام العالمي أنه لا أمان ولا أمن في عالم الغني يزداد فيه غنى والفقير يزداد فقرا، عالم مليئ بالتناقضات، عالم أرجعنا إلى القرون الوسطى بأساليبه الجديدة، عالم أصبح الإنسان أبخس بضاعة. لكن التساؤل الذي يطرح هو ما موقعنانحن العرب، من هذا العالم المجنون؟ ماهي مرتبتنا،درجتنا، قيمتنا؟
يقول عبد الرحمان منيف نحن العرب عرفنا الهزائم تلو الهزائم، هل لأننا لم نعرف أن نتعايش مع سلبية هذا العالم، أم أننا مستهدفين حقيقيين في هذا العالم، أم أننا تركنا الفكر (الأمريكي الديمقراطية الأمريكية بالأخص…) تحل مشاكلنا!أم أن الخطأ في إرادتنا العربية ؟!
سؤال يجيبنا عنه الواقع العربي والشاشات والعالمية كل يوم. لقد ازدادت الحروب ونحن المستهدفين (الحرب ضد الإرهاب، حرب الخليج الأولى والثانية والثالثة الحرب في سوريا واليمن .الاحتلال الاسرائيلي وغطرسته …… ……)
العرب بتاريخهم وبفكرهم وبتراثهم الماضوي وأميتهم السياسيةوشعوبهم القبلية،أصبحوا الغائب الأكبر في عالم ليس لناكما أكد الروائي غسان كنفاني، بالرغم مع أن زمن كورونا اظهر للعالم حجم وفشل الهيمنة الامريكية المبنية على الليبرالية المتوحشة واقتصاد السوق وضرب الدول الوطنية وبناء اقتصاد عالمي يمبني على رأسمالية مالية مبنية على اشتراطيات سياسية ، وبالرغم من أن الحرب الروسية الأكرانية استطاعت أن تبين فشل الديمقراطية الامريكية في حل النزاعات باعتبار أن هناك العديد من القوى التي كانت تنمو في صمت كالصين والهند وتركيا أصبحت تعاند السياسات الجهنية للهيمنة الامريكية ، ومن شأن ذلك ان يعيد ترتيب الجغرافية الاقتصادية والسياسية للعالم المعاصر ، أضف إلى ذلك أن الجماعات الظاغطة الأمريكية واللوبي الصهيوني الذي أصبح ينفذ مخططاته المتعلقة بالشرق الأوسط الكبير خلقت رأيا عاما عالميا مناهضا للهيمنة الامريكية وحلفائها .
إذن ماهوالحل؟ سؤال کبیرومحير لكن المثيرللجدل هو أننانجد أن الديمقراطيةالأمريكيةتطرح علينا الحلول تلو الحلول وتمارس علينا دعايات الموت والحرية، يقول المفكر صامويل هنتنجتون: الولايات المتحدة مثلها مثل نبات السبايا ما تكاد تشم رائحته وتقترب منه حتى يلتوي عليك.
وبالفعل لقد التوينا على الديمقراطية الأمريكية وأصبح نفكربتفكيرها وننظر بعينها ونحكم بقراراتها،الى أن نعي سر نبات السبايا والتربة التي تزرع فيها تلك النباتات، آنذاك نكون قد بدأنا نفكر في مصيرناوربما نكون قد بدأنا في فهم سؤال الحل الكبير،وربما سوف تكون لنا كلمة في هذا العالم المجنون.
إعداد :عبد الواحد بلقصري
باحث بكلية العلوم الانسانية والاجتماعية بجامعة ابن طفيل