تفتحص المفتشية العامة للمالية وثائق عدد من الصفقات العمومية الخاصة بإنجاز الدراسات، التي أعلنت عنها إدارات ومؤسسات عمومية، خلال ثلاث سنوات الأخيرة.
وأوضحت مصادر أن هذه الصفقات أصبحت تمثل عبئا على ميزانية الدولة، دون أن يكون لها أي مردود، إذ تحولت إلى ريع يستفيد منه بعض المحظوظين من مكاتب الدراسات، التي تربطهم علاقات مع الجهات التي تعلن عن طلبات العروض.
وأكدت المصادر ذاتها أن التحريات الأولية وقفت على حالات بعض الإدارات، التي تعلن مرات عديدة عن طلبات عروض لإنجاز دراسات في الموضوع ذاته، وفي أحيان كثيرة تنجز الجهة التي تستفيد من هذه الصفقات دراسات سابقة في الموضوع ذاته، ما يعني أن الغرض من الدراسة هو تمكين هذه المكاتب من مبالغ مالية دون وجود أي غاية محددة من هذه الدراسات.
وهناك بعض مكاتب الدراسات تحقق أزيد من ثلثي معاملاتها مع مقاولات عمومية وبعض الإدارات. وأكدت نفس المصادر أنه سيكون على مراقبي المالية العمومية التدقيق في مختلف الصفقات، التي أبرمتها هذه المقاولات، ورصد أي تجاوزات يمكن أن تكون شابت تمرير هذه الصفقات، التي أصبحت تمثل مصدر استنزاف للمالية العمومية.
وتعهد نسبة كبيرة من هذه الدراسات إلى مكاتب بعينها، علما أن مضامينها تظل في الرفوف، وكأن الهدف هو إجراء الدراسة وليس الاستفادة من نتائجها وخلاصاتها.
ويجري تحديد لائحة بدراسات أنجزت وكلفت ملايين الدراهم ولا يعلم مصيرها، ما يفرض، فتح تحقيق من أجل تسليط الضوء على هذا الجانب من تبديد الأموال العامة.
وعرفت السنوات الأخيرة إنشاء عدد من مكاتب الدراسات التي أصبحت تفوز بمجموعة من الصفقات التي تعلن عنها مؤسسات عمومية. وتحولت الصفقات إلى ريع يستفيد منه أصحاب مكاتب دراسات بعينها. وأصبحت جماعات محلية صغيرة تخصص، بدورها، ميزانيات هامة من أجل إنجاز دراسات.
وسيتم التحقق من جودة هذه الدراسات، إذ تبين من خلال عينة من الدراسات المنجزة، أنها لا تتضمن أي قيمة علمية مضافة، كما أن البعض منها مجرد استنساخ لأعمال وبحوث سابقة أنجزها باحثون أكاديميون مغاربة، لكنها ظلت حبيسة رفوف الجامعات حتى تم إحياؤها من قبل بعض مكاتب الدراسات، وذلك دون إذن من أصحابها، الذي غالبا ما يتفاجؤون بالأمر، بعدما يطلعون عليها. ولا تتوفر الحكومة، حاليا، على معطيات دقيقة بشأن عدد الدراسات التي أنجزت والمواضيع والمجالات التي تناولتها.
ويهم عدد من الدارسات قطاع التعليم، الذي كلفت دراسات أنجزتها مكاتب دراسات لفائدته أزيد من نصف مليار سنتيم، وعرفت مجموعة من الاختلالات، إذ هناك دراسات أنجزت بعد الانتهاء من المدة المخصصة لتنفيذ المشروع موضوع بحثها، ما يطرح السؤال حول جدواها.
وقرر رئيس الحكومة في خطوة استباقية وضع شروط جديدة لمنع التجاوزات، إذ ألزم الإدارات والمؤسسات العمومية عدم الإعلان عن هذا الصنف من الصفقات إلا بعد تأشيره عليها.