بقلم : أحمد ولد الطلبة
وجوه جديدة وأسماء أخرى عادت من الماضي ، منتخبون ومسؤولون يذهبون وآخرون يعودون ، مثل أي ساكن لبيت مؤجر ، يتركه لأنه اشترى بيتا آخر ، بل إنه عند انتهاء مدة الإيجار يحاسبك صاحب البيت إن أحدثت أي خرق في العقد أو تغيير في البيت أو أضررت به ..
في جهة الداخلة وادي الذهب سيان بين القادم والذاهب ، مجرد أسماء توضع على برنامج معد مسبقا من طرف من يسعون بكل الطرق للاستفادة من غفلتنا إلى أقصى درجة ويوهموننا بالفتات ، بينما جهتنا كنز تحت الأرض وفوق الأرض ، يشبه قبولنا لهؤلاء المسؤولين ، التأشير على تلك الشروط التي نقرأها عند إدخال أي برنامج على جهاز الحاسوب ، ولا نفهم منها شيئا ، فنؤشر نعم وانتهى ، فقط ليشتغل البرنامج ، دون فهم تبعات موافقتها أو لا يهمنا ما يترتب عن تشغيله..
في جهة الداخلة تذهب وجوه سياسية وتطل وجوه أخرى و”الخير يجيب مولانا” ، والوضع على حاله منذ سنوات ، ليعاد طرح السؤال : ما جدوى تغيير الوجوه السياسية دون تغيير فهمها وأهدافها ، أم أننا سقطنا في فخ إضافة أسماء أخرى لقائمة المسؤولين السياسين الذين سيحتفظون بعد رحيلهم بامتيازات عدة ، لا من يحاسبهم ولا من يعيد مراجعة إنجازاتهم وإخفاقاتهم ، وأين صرفوا أموال الدولة ؟ وكيف تعاملوا معها ؟ وإلى أي وجهة ذهبت ؟ وفي أي اتجاه ساروا بنا ؟ سنصل بهذه السياسة العرجاء ”البريكولاج” بعد سنوات إلى أن يصبح نصف من كان معنا في القاع ، يصعدون سلم الإرتقاء إلى الأعلى (البرجوازية) أو كلهم بأبنائهم وأخوتهم وزوجاتهم وحمواتهم ، أضف إليهم كل من صفّق وهلّل.. وسيتغير اسم وادي الذهب ، إلى وادي المسؤولين السياسيين والإقتصاديين بكل أصنافهم وفئاتهم ، ومع تعدد مسؤولياتهم ، الأكيد ستتعدد وتتنوع أهدافهم التي ولو أحصيناها لفاقت ما نتصور ، وستتعدد أساليب وطرق صرفهم للمال العام ، كل حسب ذكائه وطريقته في ”حلب البقرة” ، وسنصبح جهة التفويت كل حسب قربه من السياسي والإجتماعي والعائلي والحزبي ووو ، وتلازمنا نحن في المقابل الخيبات والويلات بسبب أنا نحن من مهد الطريق لتطبيق نظام المداورة السياسية الإقتصادية والتي ستنتج لا محال وجوها تليها وجوه أخرى وهكذا حتى مالا نهاية ..
إن نظام المداورة السياسية في نظرنا ، هو امتصاص كل طاقة حية وناشطة ونزيهة و امتصاص الغضب ثم امتصاص الرغبة في التغيير و امتصاص الأفكار والتصورات وتحويلها وتدويرها وتمييعها وإدخالها في دائرة التشوييه .
فلا خلاف أن الوجوه السياسية الحالية ما هي إلا استمرار لسياسة الحكم عن طريق الولاءات الحزبية والإجتماعية ، و التي كرستها السياسة العرجاء منذ سنوات ، وسئم منها المواطن ، والتي زادت وستزيد الهوة وستوسع دائرة الفئة الناقمة ..فهذه المداورة السياسية ومن وجهة نظرنا نحن ، قد لا تخرج عن منطقين لا ثالث لهما : فإما أن تتم مباشرة إصلاحات حقيقية تخرج جهة الداخلة من فوضى الريع والنهب واللاعقاب ، وتضع أسس دولة المؤسسات ، التي يسمح من خلالها للمواطن الحقيقي بالإستفادة من ثرواته ، و تنتهي بوفاء السياسي بوعود التغيير الحقيقي لحياة الفرد اجتماعيا واقتصاديا.. وإما أننا سندخل دوامة الفوضى الحقيقية ، لأن اللعبة الآن في يد الذين صمتوا طويلا ولم يدخلوا في لعبة نظام المداورة السياسية ولم يصوتوا ضد ولا مع ، فهم المنتظرون والصامتون لأجل أن يفي السياسيون بوعودهم .. وعليه فإما أن يستجيب السياسي بإرادته ، أو سيكون مجبرا مستقبلا على الاستجابة وربما على دفع ثمن تعنته واستهزائه وتحقيق رغباته غاليا جدا وينهي المواطن نظام المداورة السياسية المشؤومة بطريقة قد لا تعجبهم ولا تعجب من ألف اللعب على حبلها !!