بعد إعلان منظمة الغذاء العالمي عن معطيات سلبية حول الأمن الغذائي بالمغرب، وذلك وفق ما ورد في تقرير حول “توقعات الأغذية”، نُشر الخميس 15 يونيو 2023.
وبالمناسبة، ذكرت مصادر أن الإشكال الحقيقي الذي أشارت له مختلف التقارير التي بحثت القطاع الفلاحي، يكمن في طبيعة النموذج التنموي الذي يراد للقطاع ، بإعتبار أن هذا الإشكال الحقيقي للفلاحة في المغرب، يتمثل في المسار الذي أخذه القطاع الفلاحي منذ 2008 ، سنة انطلاق المخطط الأخضر ، حيث تبينت الكثير من الحقائق الصادمة.
ومنها ، أن المخطط وضع استراتيجية أسماها استراتيجية الإقلاع بالقطاع الفلاحي، والتي همَّت فئة معينة من الضيعات والاستغلاليات الفلاحية، التي توجه منتجاتها للتصدير، مما خلف نوعا من الارتباك في القطاع الفلاحي، وإشكالية في مدى الاستجابة للطلب الداخلي، ولاسيما في مواد أساسية للمغاربة.
وفي هذا الصدد أوضح” صقلي عدوي “عضو فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، ورئيس لجنة مراقبة المالية العامة سابقا ، أنه مع كامل الأسف ، نجد أن المخطط الأخضر راهن على تقليص المساحة الخاصة بالحبوب، الأمر الذي خلق إشكالا على مستوى تلبية حاجيات الساكنة، ولذلك لا يتجاوز تلبية 50/53 بالمائة من هذه الحاجيات، التي يبلغ مجموعها 130 مليون قنطار سنويا، بما يعني أن المغرب يستورد حوالي نصف احتياجاته من الحبوب.
واسترسل، ومن المواد الأساسية أيضا السكر، حيث إن حاجيات المغرب لا تلبيها محليا إلا بنسبة 40/44 بالمائة، ونفس الشيء بالنسبة لزيت المائدة التي هي في وضعية كارثية، إذ لا تتجاوز في تلبية الحاجيات من الانتاج المحلي سوى 2 بالمائة أو أقل، أي أن 98 بالمائة من زيت المائدة نستوردها.
وتابع، إذن الأمن الغذائي مهدد بشكل كبير، لأننا نستورد ما نأكل، ونستورد أيضا ما تأكل البهائم، ومنها الذرة، بنسبة 99 بالمائة.
ومن المشاكل التي يتخبط فيها القطاع أيضا نتيجة للمخطط الأخضر، يقول صقلي عدوي، استنزاف الثروة المائية الوطنية، حيث تم الاعتماد على إنتاج مزروعات مكلفة مائيا، سواء من الخضر أو الفواكه، موضحا أنه آن الأوان لمراجعة هذا المسار.
وأردف رئيس لجنة مراقبة المالية العامة بمجلس النواب سابقا، أنه لابد من مقاربة جديدة للقطاع، تعتمد أساسا على تحقيق الأمن الغذائي والسيادة الغذائية، مقاربة تضع التنمية المستدامة والماء على رأس الأولويات في استعمال القطاع الفلاحي، باعتبار الأخير يستهلك ما بين 80/85 بالمائة من الماء.
وخلص صقلي عدوي، إلى أن الحزب عبر فُرقه البرلمانية، ومنذ سنوات، نبه باستمرار إلى هذه الاختلالات المسجلة بقطاع الفلاحة وبمخطط المغرب الأخضر، سواء على مستوى حكامته، أو على مستوى المردودية، ومن ذلك ما تعلق بالاختيارات الاستراتيجية وكذا عائده الاقتصادي على الفلاح الصغير والمتوسط، فضلا عما ارتبط بالأمن الغذائي لعموم المغاربة.