في سابقة جديدة، تلجأ مؤسستان من مؤسسات الدولة إلى “التواصل” فيما بينها عن طريق لغة البلاغات أمام الرأي العام الوطني والدولي، وفي موضوع حساس وقابل للتأويل في اتجاهات مختلفة.
فبعد سابقة إخراج “الخلاف” حول السياسة النقدية والمالية، بين مؤسسة بنك المغرب ومؤسسة الحكومة، إلى العلن عن طريق نشر وحذف ثم نشر بلاغ في الموضوع، وما تبعه من تصريحات منسوبة لمسؤولين حكوميين، ثم دخول مؤسسة المندوبية السامية للتخطيط على الخط، وما خلفه كل ذلك من تشويش مجاني على الفاعلين الاقتصاديين وعموم المواطنين، نعيش مرة أخرى تشويشا من نوع آخر وربما أكثر خطورة، لأنه يتعلق بالجانب الأمني، الأمن القضائي وأمن المجتمع.
يتعلق الأمر هنا، بإخراج الخلاف حول موضوع الاعتقال الاحتياطي، بين مندوبية السجون التابعة قانونيا واداريا لرئاسة الحكومة، وبين رئاسة النيابة العامة التابعة نظريا للسلطة القضائية، إلى الفضاء العمومي بلغة لا تليق، خاصة من جانب مندوبية السجون، رغم ما تضمنه بلاغا المؤسستين من معطيات رقمية قد تكون مفيدة في مقاربة المشكل.
وبغض النظر عن الموقف من الاعتقال الاحتياطي، والحاجة الى التداول العمومي بشأنه، فإن لجوء المؤسسات إلى هذا الأسلوب، سواء أكان الهدف هو التواصل فيما بينها، أو ممارسة الضغط العلني على بعضها البعض، أو محاولة التخويف والترهيب، أو بعث إشارات ازاء ضغوط خارجية، إنما يشوش على ثقة المواطنين في المؤسسات، ويدفع بالانطباع كون هذه المؤسسات تشتغل -باسم الاستقلالية- كجزر معزولة عن بعضها لا ناظم لقراراتها، ولا منسق لعملها.
وهذا أخطر ما في بلوغ الخلاف بين المؤسسات إلى هذا الحد، لأنه يوحي بالترهل المؤدي إلى الضعف.
وهنا يبرز الدور الذي ينبغي أن تقوم به مؤسسة رئاسة الحكومة، خاصة في ضوء اختصاصاتها الدستورية، من تنسيق ووساطة وتقريب لوجهات النظر داخل المؤسسات، قبل تعميم الرأي أو القرار للعموم.
فهل عجزت رئاسة الحكومة عن القيام بهذا الدور، أم أن مندوب السجون لا يعترف بها كمشرف قانوني واداري على المندوبية، أم أن رئيس الحكومة منشغل بمواضيع يرى أنها أكثر أهمية؟
المصدر : pjd