في خطوة وُصفت بالتاريخية والاجتهاد الفقهي غير المسبوق، أعلن المجلس العلمي الأعلى بالمغرب عن إصدار فتوى جديدة تُقرّ بوجوب الزكاة على أجور ومداخيل الموظفين، في إطار قراءة معاصرة لأحكام الزكاة تراعي التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي يعرفها المجتمع المغربي.
وأوضح المجلس في بيان رسمي أن الفتوى تستند إلى أصول المذهب المالكي، مع تكييفٍ ملائم للواقع المعيشي الحديث، حيث لا تشمل الزكاة كامل الراتب الشهري، بل تُفرض فقط على الجزء المتبقي منه بعد خصم النفقات الضرورية للمكلّف بالزكاة ولأسرته، من سكن وغذاء ونقل ومصاريف عائلية أساسية.
ولضمان العدالة في احتساب النفقات وتفادي التفاوتات بين الأفراد، اعتمد المجلس معياراً موحداً يربط النفقة الأساسية بالحد الأدنى الوطني للأجور (3266 درهماً شهرياً)، مؤكداً أن الزكاة لا تجب إلا على المدخرات التي تبقى بعد مرور حولٍ كامل — أي سنة هجرية — دون أن تنقص عن النصاب الشرعي المحدد حالياً بنحو 7438 درهماً، وفقاً لسعر الفضة المعتمد.
كما أشار المجلس إلى إمكانية مراجعة قيمة النصاب دورياً بما يتناسب مع تقلبات الأسواق، ضماناً لدقة التطبيق ومواكبة المتغيرات الاقتصادية.
وفي اجتهاد آخر ضمن نفس الفتوى، أجاز المجلس أداء الزكاة بشكل شهري أو دوري كخيار مشروع في المذهب المالكي، تسهيلاً على الموظفين وأصحاب الدخل القار في تنظيم أدائهم لهذه الفريضة، وبما يعزز روح التكافل الاجتماعي ويُفعّل البعد الاقتصادي والتنموي للزكاة في الحياة العامة.
بهذا الاجتهاد، يفتح المجلس العلمي الأعلى صفحة جديدة في تحديث فقه الزكاة بالمغرب، بين الأصالة الفقهية وروح العصر، في خطوة يُنتظر أن تُحدث نقاشاً واسعاً في الأوساط الدينية والاقتصادية والاجتماعية حول سُبل تفعيل العدالة التضامنية وفق مقاصد الشريعة الإسلامية.













