كشف التقرير السنوي الخاص بالمؤسسات والمقاولات العمومية عن معطيات مالية دقيقة تخص المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، الذي يواصل مسار الإصلاح والتحديث رغم ثقل الالتزامات المالية.
فقد تجاوزت ديون التمويل للمكتب خلال سنة 2024 حاجز 54 مليار درهم، في وقت أظهر فيه الأداء المالي العام تحسنًا ملحوظًا مقارنة بالسنوات السابقة، وهو ما يعكس دينامية جديدة في تدبير هذا القطاع الحيوي.
وحسب التقرير المرفق بمشروع قانون المالية لسنة 2026، فقد بلغ رقم معاملات المكتب نحو 42,5 مليار درهم، أي بزيادة قدرها 3% عن سنة 2023، مدعومًا بانخفاض أسعار المحروقات واستمرار الإجراءات الرامية إلى رفع الكفاءة الطاقية. وقد تحقق ذلك بالرغم من انطلاق عملية نقل أنشطة التوزيع إلى الشركات الجهوية متعددة الخدمات منذ أكتوبر 2024، في إطار سياسة تفويض جديدة تهدف إلى ترسيخ الجهوية الاقتصادية.
كما أبرز التقرير أن النتيجة الصافية للمكتب شهدت تحسنًا ملموسًا، إذ تراجعت الخسائر إلى 7,286 مليار درهم مقابل 11,407 مليار درهم سنة 2023، في حين انخفضت ديون التمويل بنسبة 18% لتستقر عند 54,7 مليار درهم، بفضل تحويل جزء كبير من الديون إلى أنشطة التوزيع.
أما على مستوى الاستثمار، فقد بلغت قيمة المشاريع المنجزة 6,887 مليار درهم من أصل 9,921 مليار درهم، أي بنسبة إنجاز تقارب 69%، مما يعكس تسارع وتيرة تنفيذ البرامج الكبرى في مجالي الماء والكهرباء.
وخلال النصف الأول من 2025، حقق المكتب رقم معاملات بلغ 19,172 مليار درهم، أي ما يعادل 48% من التوقعات السنوية، بينما سجل عجزًا صافياً قدره 4,210 مليار درهم، نتيجة ضغط الاستثمارات الجارية والتكاليف الانتقالية المرتبطة بإعادة هيكلة القطاع.
ويتوقع التقرير أن يختتم المكتب سنة 2025 برقم معاملات يبلغ 39,813 مليار درهم، مع انخفاض جديد في ديون التمويل إلى 50,322 مليار درهم (ناقص 8%)، بعد استكمال تحويل الديون المتعلقة بأصول التوزيع. كما يُرتقب أن ترتفع الاستثمارات إلى 10,874 مليار درهم (زائد 58%)، في إطار تنفيذ مخطط التجهيز 2025-2030 الذي يضم مشاريع استراتيجية كبرى.
وتشمل هذه المشاريع إنشاء منظومات لنقل المياه بين الأحواض بطاقة 800 مليون متر مكعب سنويًا، ومحطات لتحلية مياه البحر تعتمد كليًا على الطاقات المتجددة، إلى جانب التحضير لإطلاق خط كهربائي عالي الجهد يربط الجنوب بالوسط على مسافة 1400 كيلومتر، فضلاً عن محطات غازية بطاقة إنتاجية تصل إلى 1500 ميغاواط.
ويؤكد هذا المسار أن المكتب الوطني للكهرباء والماء يسعى إلى تحقيق توازن دقيق بين ضبط المديونية وتعزيز الاستثمارات، في إطار رؤية استراتيجية تروم تأمين التزود المستدام بالماء والطاقة، وترسيخ التحول نحو نموذج اقتصادي أخضر ومستدام يعزز موقع المغرب كقوة طاقية صاعدة في المنطقة.













