ألا يستحق سيدي صلوح الجماني وسامًا نظير عمله الإنساني تجاه مرضى القصور الكلوي بالداخلة؟

هيئة التحريرمنذ 5 ساعاتآخر تحديث :
ألا يستحق سيدي صلوح الجماني وسامًا نظير عمله الإنساني تجاه مرضى القصور الكلوي بالداخلة؟

بقلم : الصغير محمد

حين يمر التاريخ من هنا، لا يسجل فقط أسماء المسؤولين والمنتخبين، بل يحتفي بمن جعلوا من العمل الإنساني نهجًا للحياة. في جهة الداخلة وادي الذهب، يسطع اسم سيدي صلوح الجماني كرجل استثنائي حمل على عاتقه مهمة نبيلة طيلة خمسةٍ وعشرين عامًا، حين لم يكن بمدينة الداخلة مركز لتصفية الدم، ولا مرفق صحي متخصص في علاج القصور الكلوي.

خلال ربع قرن، كان الجماني يملأ فراغ الدولة بروحه، ويوفر العلاج والدعم لمرضى القصور الكلوي، متحديًا محدودية الإمكانيات ومآسي المرض. واليوم، بعد تدشين مركز أمراض الكلي وتصفية الدم بالداخلة، سلّم الرجل ما سماه “حملاً ثقيلاً” التزم به ربع قرن من الزمن، مؤكدًا أن ما فعله كان خالصًا لوجه الله، لا بحثًا عن مكاسب سياسية أو أضواء إعلامية.

في كلمته العفوية، دعا الجماني والي الجهة علي خليل إلى أن يجعل خدمات المركز الجديد مجانية أمام الفئات المعوزة التي عانت طيلة سنوات من كلفة العلاج والتنقل والمعاناة. كما أوصى المدير الجهوي للصحة مرتضى جبار بالاستمرار في رعاية هؤلاء المرضى، والنظر إلى حالهم بعين الرحمة والمسؤولية الاجتماعية.

ولم يكن الجماني وحده من عبّر عن هذا الموقف الإنساني، بل زكّى البرلماني أمبارك حمية ما قاله، مؤكدًا بدوره أن مجانية العلاج ليست مطلبًا طارئًا، بل هي وفاءٌ لمرحلة طويلة تكفّل فيها الجماني بعلاج المرضى على نفقته الخاصة، طوال خمسٍ وعشرين سنة، في ظل غياب أي دعم مؤسساتي آنذاك.

هنا، يصبح السؤال مشروعًا: أليس من حق هذا الرجل أن يُكرّم بوسام، اعترافًا بما قدمه من خدمة إنسانية ومجتمعية نادرة؟ أليس من العدل أن تُخلّد ذاكرة الجهة اسمه كواحد من رموزها الأخلاقية الذين جسّدوا معنى المسؤولية في أسمى صورها؟

ففي زمنٍ تتداخل فيه الحسابات الانتخابية بالمشاريع العمومية، جاء صوت الجماني صريحًا ليذكّر بأن العمل الإنساني لا يحتاج إلى بطاقة حزبية، وأن خدمة المواطن ليست حملة انتخابية، بل واجب أخلاقي ومسؤولية مجتمعية.

إن ما قدّمه سيدي صلوح الجماني ليس مجرد مبادرة خيرية، بل هو درس في المواطنة الصادقة، في زمن أصبحت فيه المبادرات النزيهة نادرة، والنية الخالصة أكثر ندرة. خمس وعشرون سنة من الوفاء للإنسان، تختزل فلسفة عميقة مفادها أن قيمة المرء بما يزرعه من أثر، لا بما يجمعه من مناصب أو مكاسب.

ولعل أسمى تكريم لهذا الرجل لا يكون في الأوسمة الرسمية فقط، بل في حفظ سيرته كجزء من ذاكرة الداخلة، وفي جعل روحه مثالًا يحتذى به في العطاء والمسؤولية والتجرد.

فبينما تُدشَّن المراكز والمشاريع، يجب ألا ننسى من مهّد الطريق بصبره وصدقه.
إن سيدي صلوح الجماني لم يكن مجرد فاعل خير، بل كان مؤسسة إنسانية تمشي على الأرض.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة