برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وإشكالية التمكين الاقتصادي للمراة

هيئة التحرير11 مارس 2022آخر تحديث :
برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وإشكالية التمكين الاقتصادي للمراة

بقلم : عبد الواحد بلقصري

  تعد   المبادرة  الوطنية    التي أعلن  فيها  صاحب الجلالة    الملك  محمد السادس   نصره الله   بتاريخ  18   ماي  2005    مشروعا   اجتماعيا   تنمويا   وورشا  ملكيا   خاصا   خلاقا ومبدعا و مفتوحا باستمرار وفلسفة  رائدة  تهدف  إلى معالجة إشكاليات  الفقر   والإقصاء الاجتماعي   والهشاشة   ضمن  استراتيجية   شمولية  ترتكز  على  البعد  التراثي   والمقاربة   التشاركية   مع مختلف   الفاعلين  المعنيين   بالحقل التنموي ، وقد  جاءت  المبادرة   لتغيير  أنماط   العمل الاجتماعي   في   البلاد  من خلال  فتح    أفق  جديد   يرتكز  على تطوير القدرات  البشرية  ، فبناءا على  التجارب  السابقة   و معرفة أفضل    بظواهر   الإقصاء والفقر ، فإن هذه  المبادرة  تعكس   إرادة  سياسية  على   أعلى المستويات   في الدولة لترسيخ  سياسة  سريعة وفعالة  في  مكافحة الهشاشة  والفوارق  الاجتماعية،  وقد جاءت لتقدم أيضا  تغييرا  نوعيا  في الأسلوب   ، لأنها  ترتكز  على مبادئ  أساسية  من قبل تحدي جيد  للأهداف  والمناطق والمستفيد ين أو إدماج  سوسيو للتدخلات   والبرامج  مبادرة  تستفيد من تمويل خاص ذو طابع  مؤسسي. 

 وإذا  كانت  مختلف  التدابير والإجراءات  الحكومية  التي  عرفتها  سنوات  الستينات  والسبعينات  قد أعطتنا  تراكمات  سلبية  خلقت فجوة كبيرة وأزمة  ثقة  بين  الدولة والمجتمع وأدت  إلى  عجز اجتماعي على جميع  المستويات   آنذاك  ، حيث   أن نسبة  الأمية   كانت 40%     ونسبة  الفقر وصلت الى 13 ,7%    في  المجال  القروي  و  63%    في  المجال  الحضري  دون أن ننسى  لأنه أكثر  من 600 جماعة  قروية  وصلت نسبة الفقر فيها   أكثر  من 20%     وأكثر  من  360  وصلت  فيها  الى 30%   كما أن 61%  من الجماعات القروية   آنذاك كانت   لا تتوفر   على أيةبنية  اجتماعية  باستثناء المدرسة والمستوصف.*1*

  وجاءت المبادرة الوطنية للتنمية  البشرية  كخطة تنموية استراتيجية مختصة من أعلى  مستوى(  ملك البلاد)لتجعل من تنمية  العنصر البشري الهدف الاسمى  من خلال  أهداف  استراتيجية  نجملها فيما يلي:

   الحد من الفقر و الهشاشة

  تحقيق العدالة الاجتماعية  عبر  الرفع  من مؤشر  الدخل

وقد خلص  تقرير   الخمسين سنة  من التنمية  البشرية  إلى  كون  مستقبل المغرب   يرتهن بمدى قدرته   على مواجهة  وتخطي   خمسة  بؤرهي المعرفة ، الاقصاء ، التكوين ، الاندماج  والحكامة ،  وفي معرض تحليله  لواقع  الحكامة   بالمغرب   وصل التقرير  الى أن   الحكامة في المغرب   تشكو   من خمس     نقط أساسية  هي:

وجود    مركزية   مفركة

وجود  لا مركزية    ترابية  لا تتلاءم  مع  ضرورات  التنمية  المحلية

وجود وصاية  ترابية  تقوم   مقام    المنتج عوض  دور التنسيق  والرقابة.

غياب  التكامل بين مختلف  البرامج  القطاعية.

ضعف دورالمؤسسات العمومية في التنمية.

   

وإذا كانت  برامج  المبادرة  الوطنية  للتنمية  البشرية  في مرحاتها  الاولى  والثانية   خلقت  دينامية  مهمة  ساهمت  من خلال    إجراءاتها   ومشاريعها   النموذجية  في  خلق اقتصاد  محلي   بالإضافة  الى مجال    تدخلها  في المجال   الاجتماعي  عبر  التأسيس  لمجموعة  من المراكز  الاجتماعية  مثل  مراكز  الرعاية  الاجتماعية  ، ومدارس  جما عاتية  وبنيات   تحتية ، لكن بالرغم  من ذلك  كانت  هناك  مجموعة  من   النواقص    نجد ها  من جهة  أولى أن العديد من  المصالح الخارجية اعتبرت  أن المبادرة سياسة  عمومية  تحل محل  القطاعات  وليست  رافعة  وهو  على العكس  من ذلك  المبادرة  هي مشروع  اجتماعي يروم   تحقيق  الالتقائية  ويعتبر  رافعة   لتحقيق  التنمية  المحلية  والرفع  من مؤشرات  التنمية  بالمغرب  وتحسين   مرتبة  المغرب   في هذا المجال  ومن  جهة ثانية   بالرغم  من العدد الإجمالي  الكبير  للمشاريع  التي  أنجزت   إلا أن  ضعف   المواكبة  والتقييم   أثرت  على سير   وتدبير  هاته  المشاريع.*1*

 ومن جهة ثالثة   اعتبر  ضعف  التكوين  والتواصل  لدى  الفاعلين  المحليين  وكذا تسييس  العديد من المشاريع  حيث  نجد باعتبار ان رئيس   اللجنة المحلية في   أجهزة  الحكامة  على المستوى  المحلي  كان هو  رئيس  الجماعة ، حيث   أن شرعية  الانجاز  كانت  ذات  نظرة    سياسية  وليست  نظرة  تنموية  مما أثر   على   السير العادي  للمبادرة  و كما ذكرنا  سابقا  لقد  حقق  ورش  المبادرة  الوطنية  للتنمية البشرية   العديد من الانجازات  كان لها  وقع  إيجابي  على ظروف   عيش الساكنة  المستهدفة، وتأتي  المرجلة  الثالثة  من المبادرة  الوطنية للتنمية  البشرية الذي أعطى صاحب  الجلالة  الملك  محمد  السادس  نصره الله  انطلاقتها  يوم 19  شتنبر2018، حيث  أشار الى  أن  هذه المرحلة  ترتكز  على مقاربةإرادوية  متجددة  تهدف  إلى  تحيصين  وتعزيز   المكتسبات  مع اعادة  توجيه  البرامج سعيا  للنهوض   بالرأسمال  البشري   والعناية   بالأجيال  الصاعدة    ودعم    الفئات  الهشة   بالإضافةإلى اعتماد جيل جديد من المبادرات   المذرة  للدخل   والمجددة لفرص الشغل.

 

ولتفعيل هاته  المرجلة  تم وضع   أربعة  برامج  وهي  على الشكل التالي :

البرنامج   الاول: برنامج  تدارك الخصاص  على مستوى  البنيات  التحتية  الاساسية   بالمجالات   الترابية  الأقل تجهيزا.

 ويهدف هذا البرنامج الى  مواصلة  تنفيذ   النسق  المتعلق  بالمبادرة في اطار  برنامج  تقليص   الفوارق  الاجتماعية والترابية والمجالية  بالعالم  القروي  مع  العمل  على تدعيم  الولوج للبنيات التحتية  والخدمات الأساسية بالمراكز  القروية  الأقل تجهيزا.

البرنامج  الثاني  مواكبة  الاشخاص  في وضعية  هشاشة :

يهدف  هذا البرنامجإلى  محاربة  الهشاشة وتحسين ظروف   التكفل لفائدة    أحدعشر  فئة بدون موارد  وذلك  عبردعم   الادماج  السوسيو  اقتصادي وحماية  الطفولة  والشباب.

البرنامج الثالث  تحسين  الدخل والاندماج  الاقتصادي  للشباب:

 يسعى  هذا البرنامج  الى  تعزيز  فرص  الشغل  لفائدة  الشباب  وذلك  عبر  إنعاش  الحس   المقاولاتي  الحس  المقاولاتي  إضافة  الى اعتماد  جيل جديد  من المشاريع  التي  تساهم  في تثمين  الامكانيات  والمؤهلات  المحلية  وذلك عبر مقاربة  سلاسل  الانتاج.

البرنامج الرابع :  الذفع بالتنمية البشرية  للأجيال  الصاعدة:

 يسعى  هذا البرنامج الى الاستثمار  في الرأسمال البشري  وذلك  بالتركيز على المحاور التالية:

المحور الاول:  تنمية الطفولة  المبكرة  عبر تقوية   نظام  صحة  الام  والأطفال  والمساهمة في محاربة  سوء  التغذية  لدى الأطفال .

المحور الثاني : دعم  تعميم  التعليم الأولي بالعالم القروي .

المحور الثالث:  دعم التمدرس ومحاربة الهدر المدرسي *1*

 وذلك عبر تدعيم  الأنشطة   الفنية  والثقافية   والرياضية  وتحسين  المحيط  المدرسي  وظروف    التمدرس  عبر   فضاءات  الإيواء   والمطاعم  المدرسية  والنقل  المدرسي.

 وقد  أكدت المذكرة  التوجيهية  للمبادرة  على  أن نجاح  المبادرة   سيتم بشراكة مع  جمعيات  متخصصة   ولها  تجارب  احترافية  في هاته  المجالات  التي حددناها سابقا . واعتبر  العديد من  الخبراء  في مجال  التنمية  البشرية  على أن  المرحلة الثالثة أشارت  بوضوح من خلال   محاورها إلى  عمق  المشاكل   التنموية  التي يعاني  منها  التنمية البشرية  بالمغرب  ومن شأن ذلك التحسين  من مؤشرات  النتائج و بالتالي  سيكون له  وقع وأثر  اجتماعي كبير وذلك عبر تحسين  مؤشرات  التنمية  البشرية  بالمغرب وقد  رصدت لهاته  المرحلة الموارد التالية :

البرنامج الأول:  تعبئة   المليار درهم  على   مدى 5 سنوات.

البرنامج  الثاني:  4 مليار  درهم  على مدى   خمس سنوات.

البرنامج  الثالث: 4 مليار درهم  على مدى 5 سنوات.

البرنامج  الرابع:  6 مليار  درهم  على مدى 5 سنوات 

تعريف التمكين الاقتصادي :

نظرا لأن المرأة تمثل في الوقت الراهن 40 في المائة من القوى العاملة على المستوى العالمي وأكثر من نصف طلبة الجامعات حول العالم، سوف تزداد الإنتاجية الكلية إذا ما تم استثمار مهار ات المرأة ومواهبها على وجه أكمل، إذ أن من شأن تمكين المرأة في االات الإقتصادية والسياسية والإجتماعية أن ، حيث أن تحقيق الذات  يؤدي إلى تغير الخيارات المتعلقة لسياسات وزدة تمثيل المؤسسات لشريحة أكبر والإحساس لإنتماء يعتبر من أهم الحاجات التي يرغب ويطمح إنسان على اختلاف نوعه البيولوجي (ذكر، أنثى) إلى تحقيقها، إضافة إلى اختلاف مستواه الإجتماعي أو التعليمي أو اختلاف الأوضاع السياسية والإقتصادية التي يعيش فيها، فمن هنا تظهر أهمية الذات، حيث أن وضع الرجل والمرأة لطالما كان مجالا للبحث والنقاش في قضايا المساواة الإجتماعية والإقتصادية بين الإثنين، وكذا المساهمة في عملية التنمية الإجتماعية والإقتصادية، مما أدى إلى ظهور عدة مفاهيم ومصطلحات عديدة أعطت بعدا جديدا للنهوض وضاع المرأة، إذ نذكر من بينها موضوع التمكين من جانبه الإقتصادي.*2*

 

وقد أكد “ابرهام لنكولن”، يمكنك تمكين الناس في بعض الأحيان ويمكنك تمكين بعض الناس في كل الأوقات ولكن من الصعب تمكين كل الناس في كل الأحيان والأوقات. من خلال ذلك يمكننا بناء تصور أولي مفاده أن التمكين عبارة عن استراتيجية أو سياسة تتبع خلال فترة زمنية محددة، ويمكن القول ببساطة أن التمكين الاقتصادي هو إيجاد حزمة من الخدمات المالية وغير المالية التي تساعد المرأة على إيجاد مصدر دخل خاص ، وبناء على ذلك أصبحت عملية تمكين المرأة تشكل سلسلة الحلقات المتداخلة التي تبدأ من تحفيز المرأة وتوعيتها ومن تم تدريبها للبحث عن مشاريع مذرة للدخل .*3*

التمكين الاقتصادي في نظر الامم المتحدة :

ما زالت التحولات السياسية الصعبة، والتحديات الأمنية، وتدهور أسعار النفط، والصراعات الإقليمية التي طال أمدها تؤثر على التوقعات الاقتصادية للمنطقة. وتشير التقديرات إلى أن النمو الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قد تباطأ بشكل حاد ،وهناك تنوع محدود في الاقتصادات. وفي حين أن أقل من 3% من السكان يعيشون في فقر مدقع، ما زال الضعف شديدًا نظرًا لكون 53% من السكان يعيشون على 4 دولارات في اليوم أو أقل.*4*

واحتلت المنطقة المرتبة الأخيرة في المؤشر العالمي للفجوة بين الجنسين  لعام 2017. عند المقارنة بعام 2006، لوحظت أعلى التحسّنات في المؤشر الفرعي للتحصيل التعليمي، بينما حظت المؤشرات الفرعية للمشاركة والفرص الاقتصادية والتمكين السياسي بأدنى التحسّنات.

         التمكين الاقتصادي في البرامج الحكومية :

 يعد مجال التمكين الاقتصادي للنساء من المداخل الأساسية لإرساء المساواة بين النساء والرجال، ويستمد هذا المجال أهميته من المقتضيات الدستورية التي أولت أهمية بالغة لتمكين النساء اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا كمحدد أساسي لتدعيم دولة القانون.*5*

أعطت الخطة الحكومية للمساواة “إكرام” بنسختيها الأولى والثانية، من خلال محاورها، أبعادا استراتيجية وحقوقية واستشرافية للنهوض بوضعية المرأة وإدماجها اقتصاديا، وذلك سعيا إلى رفع التحديات التي تطرحها مؤشرات الوضعية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المتعلقة بالنساء. ومن خلال تفعيل مضامين البرنامج الحكومي 2017 -2021 الذي دعا إلى تقوية الإدماج الاقتصادي للمرأة والتمكين لها في الحقل التنموي؛ وتنزيل المحور الأول من الخطة “إكرام 2” الذي أكد على أهمية تقوية فرص عمل النساء وتمكينهن اقتصاديا، عبر وضع إطار للتمكين الاقتصادي للنساء ذي أبعاد متعددة.*6*

برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية والتمكين الاقتصادي للمراة :

سعت برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي تعتبر  ورشا ملكيا ضخما ، ذو أبعاد اجتماعية واقتصادية ومجالية متعددة، والذي أعطى انطلاقته صاحب الجلالة الملك محمد السادس في 18 ماي من سنة 2005، يروم تعزيز تنمية المجالات الترابية للمملكة بكيفية منصفة، تقوم على تقليص معدلات الفقر ومحاربة الهشاشة في صفوف فئات متنوعة من المواطنين، وتشجيع انخراط الساكنة المحلية في مشاريع مدرة للدخل، تشكل رافعة للتنمية المحلية،الى تجسيد هذه العناية الخاصة بالعنصر النسوي عبر تعزيز مهارات وقدرات النساء وتكوينهن، والنهوض باستقلاليتهن المالية، وهو ما تكلل بوضع حزمة من المشاريع المندمجة والمذرة للدخل بالنسبة للفئات المستهدفة،حيث أن المرأة تعتبرفاعلا أساسيا في سيرورة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية سواء كحاملة أو كمستفيدة من مشروع، أو أيضا كعضوة نشيطة في لجن الحكامة الترابية. ويعد النهوض بوضعية المرأة وتحسين معيشتها خيارا استراتيجيا للمبادرة الوطنية، كما يتضح جليا من خلال جميع المشاريع المنجزة في هذا الإطار. فبفضل تعبئة وإشراك جميع الجهات الفاعلة المعنية،

وتولي المبادرة الوطنية للتنمية البشرية اهتماما خاصا للتأهيل والتكوين المهني لفائدة النساء، باعتبارهما عاملا مساهما في توفير فرص العمل والتشغيل الذاتي.

وإذا كانت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في مراحلها الثلاثة ركزت على إشراك و إدماج  النساء في التنمية المحلية  ،فإن المرأة استطاعت بفضل إرادتها ان تساهم في نجاح العديد من المشاريع التنموية المرتبطة ببرامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية . 

انطلاقا مما سيق نخلص إلى مايلي :

الخلاصة الأولى : أن برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية استطاعت ادماج المراة في المجال الاقتصادي كل هذا كان له انعكاس ايجابي على الادماج والتضامن الاجتماعي للاسرة والمجتمع .

الخلاصة الثانية :أنه ان المبادرة الوطنية للتنمية البشرية استطاعت العمل على  العمل على توفير الخدمات التي تساعد على إحداث التوازنات في مسؤوليتها  ودورها التنموي.

إعداد :عبد الواحد بلقصري

باحث قي مركز الدكتوراه مختبر بيئة.تراب.تنمية بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة