..عندما فكرنا في تأسيس الحركة التصحيحية
مع باقي الإخوة والأخوات في حزب الأحرار لم أكن شخصيا أدرك أن هذا الحزب
الذي يعتبر نفسه حزبا للمال والسلطة ينوي فعلا اكتساح الساحة السياسية
بمنطق آخر غريب عن السياسة نفسها، أكرر لم أكن أتوقع إطلاقا أن بيت هذا
الحزب اوهن من بيت العنكبوت وأن جل تنظيماته وهياكله هي مجرد واجهة
لاغير…
..أعترف بكل مسؤولية
أنني فكرت في المغادرة وطي صفحة حزب يحارب نفسه ولايسمع إلا صوته ، لكن
بين الرغبة والبقاء نقاش طويل وتساؤلات مشروعة واعترافات لابد أن نعلنها
علها تساهم في تنقية الأجواء داخل حزب يتنفس هواء غير نقي..
أعلن
جهارا أن فكرة الحركة التصحيحية جاءت بنون نسوة لم يحترمهن رجالات الحزب
ومسؤولوه وكانت الصرخة وكان الأمل، فكيف لحزب لايحترم النساء أن يحترم
الرجال..
..قد تكون كتاباتي
ساهمت في إطلاق شرارة الحركة التصحيحية واتساع دائرة مؤيديها بشكل فاجأني
شخصيا، وهذا ما يحيلني على اعتراف آخر قد يبدو غير ذي أهمية ولكن بقراءته
يتضح أن حزب الأحرار اليوم يتجه نحو المجهول.. هذا الإعتراف يتعلق بالكم
الهائل من الرسائل النصية والمكالمات الواردة من كل بقاع هذا الوطن تشكو
بصوت واحد التهميش والإقصاء من طرف مسؤولي هذا الحزب الذين يديرونه بمنطق
القرب والبعد من دائرة ضيقة تتحكم في مفاصل كل التنظيمات وتفصلها على
المقاس..
شخصيا لم أتوقع أن
فكرة حركة تصحيحية قد تنجح فى مواجهة قوة المال، وقد يراها من يحلو لهم
التحليل مغامرة مجنونة لأشخاص يصارعون الطوفان وزواج المال بالسلطة، لذا
يقلل البعض من قيمة الحركة ويستهين بها من هم في الحزب يحكمون، لكن للتاريخ
منطق آخر يعلمنا أن كل الأحلام الكبيرة ابتدأت بفكرة غيرت معالم حياة
بأكملها وأن قوة القلم أحيانا كثيرة أقوى من المال نفسه، فالله عز وجل أقسم
بالقلم ولم يقسم بالمال وفي ذلك منتهى العبر…
..الآن
أكتب بكل صدق وموضوعية وحياد لأعلن للجميع أننا لانحارب شخوصا بانفسهم
ولانصفي حسابا قديما كما يحلو للبعض تبرير موقفي إزاء الحزب، لست ولدا عاقا
شق عصى الطاعة.. بل مناضلا ساهم بمقدرات متواضعة في إعطاء صيت لحزب داخل
جهة فريدة وحاربنا بإسم الحزب فسادا في العلن يسانده هو في الخفاء..
..كورونا
رغم كل سلبياته وتأثيره على مسار حياتنا جميعا حشرنا في الزاوية وقلل من
قدرتنا على الحركة ، وعلى من يدبرون أمور الحزب أن يشكرو هذا الوباء لأنه
جنبهم ما لم يكن في الحسبان وجعلهم يهربون مؤتمرهم الى تقنية زووم حيث
لانقاش ولا حوار..
..منطق
السياسة يفرض الإختلاف في التوجهات ويفرض أيضا أن نقول لا حيث يجب أن تقال
لأن الإجماع ظاهرة غير صحية والمرحوم الحسن الثاني بحنكته ونفاد بصيرته قال
ذات يوم “اذا لم يكن لدينا من يقول: لا ، فعلينا بصناعته ” لأنه يدرك بحس
السياسي أهمية الإختلاف في تقوية المؤسسات وتحصينها ومعرفة توجهات الرأي
العام..
في حزب الأحرار يحدث
العكس تماما ، لاصوت يعلو فوق صوت الولاءات ومسار الثقة واغراس أغراس
وكأننا إزاء “الكتاب الأخضر” للقذافي الذي سألته مذيعة أجنبية كان قد
أهداها كتابه الأخضر، وبعد أن قرأته سألته : هل تؤمن بالله ؟ فأجاب باندهاش
“نعم”، قالت له لأني ظننت في لحظة قراءة أنك أنت الله..
..في
الأسابيع الأخيرة من إنشاء الحركة التصحيحية اتضح لي بما لايدع مجالا للشك
أننا إزاء شيء آخر غير الحزب نفسه الذي نشأ منذ أربعين سنة بكل عيوب
النشأة وتعثرات البداية..
..لايهمنا
تجاهل المكتب السياسي، فهذا ماكنا نتوقعه لأن من يعتبرنا خارج الحزب أو
لاعلاقة لنا به هو نفسه الذي عليه إن يراجع التاريخ ليعلم من يجب أن يبقى
ومن عليه أن يرحل..
المؤتمر
الوطني للأحرار سيصوت في موقع “زووم” الكترونيا وليس هذا بغريب، لأن
القانون المنظم لشركات المساهمة يسمح بالتصويت الكترونيا للجمعيات العامة،
بل يعطي إمكانية التفويض على بياض لمجلس الإدارة الذي في حالتنا هنا هو
المكتب السياسي ومن يقودون الحزب تشابه عليهم الأمر..
..حزب
الأحرار اليوم يعيش وحدة قاتلة داخل مشهد حزبي يتجه للتكتل، فلا البام
يريده وهو الذي كان في الماضي رديفه الذي افرغه من كل مناضليه واعيانه،
والعدالة والتنمية لايطيقه لأنه قام بدور مرسوم بحرفية في حكومة بنكيران
الثانية.. حتى الإتحاد الدستوري الذي دخل في زواج كاتوليكي معه يطلب اليوم
التطليق للشقاق لأن الزواج لم يكن متكافيء وهذا شرط في صحة أي زواج شرعي..
رفاق
نبيل بن عبد الله والاستقلال لن يتحالفو معه، فهل بقي له سوى من أوقف
بنكيران لادخاله ولو بمقعد يتيم والحال من بعضه كلاهما حاله لايسر الناخبين
ولا الناظرين..
ختاما لانريد
هدم المعبد ولا تقويض الحزب من الداخل، يكفيه ضربات الخصوم التي لايجرأ أحد
للرد عليها.. نحن نعكس توجها يقوي الحزب لو عرف كيفية استغلاله بدل صم
الأذان، لأن في النقد الصريح تعرية لمكامن الخلل قبل الاستحقاقات
الانتخابية المقبلة، ولو تجاوز الحزب كل هذه الهفوات وتخلص من الشحوم
الزائدة لكان حاله أفضل..
لا
نخوض حربا بالوكالة ولسنا رجع صدى لأي جهة كانت، نحن نؤمن بأن الإصلاح يبدأ
من حيث توجد مكامن الخلل وفي حزب التجمع الوطني للأحرار الخلل يعلن عن
نفسه، قد ننجح وقد نفشل.. لكن لنا جميعا شرف المحاولة في حزب بدأ يتعلم بعض
من منخرطيه لغة البوح..
ولمن
يسألون أين وصلت الحركة التصحيحية، أقول لهم بكل أمانة منخرطوها تجاوزو
السقف المتوقع، ولمن لا هاجس له سوى من يقف وراءها من الكبار أقول لهم لا
كبير سوى الله، وأن إرادة الشعب أحيانا لها توابع تماما كما الزلزال..
ولكل
حكماء حزب التجمع الوطني للأحرار وبعض من قيادييه الذين لازالو صامتين
أقول لهم بكل أدب واحترام “اللي بغى يشطح ما اخبي اكرونو، وتا واحد ماغادي
يأكل الثوم بفم الحركة”..
المجال مفتوح للجميع ونحن نمارس حقوقنا الدستورية في ظل دولة الحق والقانون ولمن له رأي آخر هاذاك سوقو…