بقلم : أحمدو بنمبا
كل ما يتصل بالمجال العام فهو شأن سياسى ، هذه قاعدة لا تقبل الاستثناء ، إذ أن هناك فارق جوهرى بين الشأن السياسى باتساع نظرته والتوظيف السياسى بضيق أفقه و بمدى قدرة السياسة على إشباع احتياجات مواطنيها ، حيث تكتسب الهيئات المنتخبة من مجالس ومؤسسات بإنتماءتها الحزبية مناعتها وقوتها وقدرتها على النهوض ، فكما هو معلوم أن هذه مسألة تشمل ــ بالضرورة ــ جميع حقوق المواطنة وبناء المؤسسات وكفالة الحريات العامة وكفاية الخدمات الصحية والتعليمية و الحق في الشغل والإستفادة الإجتماعية ، إذ إن لكل ميدان قواعده وأصوله الحديثة، فإذا غابت تضرب العشوائية كل ما بنته الدولة ودعت له لا سيما ما تعلق بالشق الإجتماعي والإستفادة من برامج الحكومة وعلى أي أساس ؟
لم تكن مصادفة أن يتم التمسك بالحق الكامل من الإستفادة الإجتماعية بدون إستثناء ، حيث أنه استقرت نظرت المواطن إلى ان الإستفادة الإجتماعية حقا رئيسيا له ، كما استقرت فى البرامج والمبادرات الإجتماعية منع التسييس وإقحام الصراعات الحزبية عليها واستخدامها لدعايات عنصرية ، وتقسيمها على حساب الإنتماء لا على حساب الحالة الإجتماعية ، فكل شىء يمضى وفق قوانين تحترم وقواعد تلزم وكل طرف يعرف حدود دوره وأصول عمله بما يضفى على المكسب الإجتماعي والمبادرات المقدمة للمواطن شرعية استحقاقها.
ما يجرى ــ أحيانا ــ من مناكفات سياسية قبل الشروع في تحديد الفئات المستفيدة من أي برنامج إجتماعي ، يعبر عن طبيعة النظرة إليها كمؤشر لكسب الرهانات المستقبلية والتي تكون في غالب الأحيان سياسية ، فنزع الرسائل السياسية عن المبادرات الحكومية وهم كامل ، ففى الحالتين، السياسية والإجتماعية ، تبقى كفاءة المنظومة المعتمدة أساس كل حساب، إذ أن المنظومة السياسية مسألة مؤسسات وقانون و التزامات ، وبطبيعة الحال إذا توافرت الاشتراطات ، عندها سنكون أمام مؤسسات سياسية ، فرصها مفتوحة على المواطن ، أما المنظومة الإجتماعية مسألة قواعد وقوانين تضبط الفئات المستهدفة .. وهنا يطرح السؤال الذي يراود كل مواطن هو : لماذا تقدمت مدن وجهات ؟ ولماذا تأخرنا نحن ؟
تعددت الإجابات والاجتهادات دون أن نتوقف بشىء من الجدية أمام حضور القواعد هناك وغيابها هنا ، ضمانات الإستفادة هناك وغيابها هنا ، روح المبادرات الموجهة إلى المواطن بدون شرط الإنتماء هناك وغيابها هنا ، كأننا نصنع تجارب فاشلة ولا نتعلم من سابقاتها .
إن ظاهرة إقحام السياسية في المشاريع الإجتماعية تطغى على كل البرامج الموجهة أصلا للمواطن بدون إستثناء ، فما يعيشه المواطن اليوم كارثة بكل المقاييس إما معي أو ضدي ، فإذا كنت معي ستستفيد من كل ماهو متاح وإذا كنت ضدي فلا إستفادة لك ؟