يشكل قرار محكمة النقض الصادر في 21 دجنبر 2021 محطة قانونية بارزة في مجال تنظيم العملية الانتخابية بالمغرب، إذ رسخ اجتهادًا قضائيًا مهمًا يتعلق بحقوق الأشخاص المحكوم عليهم بعقوبة جنائية في استرجاع الأهلية الانتخابية. فقد أكدت المحكمة أن الاستفادة من العفو الملكي أو صدور قرار قضائي برد الاعتبار لا تمنح المحكوم عليهم الحق في المشاركة في الانتخابات أو التسجيل ضمن اللوائح الانتخابية العامة.
وينطلق هذا الاجتهاد من نص المادة 8 من القانون رقم 57.11 المتعلق باللوائح الانتخابية العامة، التي تحدد بوضوح الحالات التي يمكن فيها استرجاع الأهلية الانتخابية. وتشير المحكمة إلى أن هذه المادة لا تشمل الأشخاص المحكوم عليهم وفق البنود (ب) و(ج) و(د) من الفقرة 2 بالمادة 7 من نفس القانون، كما أن العفو الخاص لا يترتب عليه استرجاع هذا الحق. وبذلك، فإن النصوص الخاصة بالانتخابات تُقدم على النصوص العامة في قانون المسطرة الجنائية، لما لها من صلة مباشرة بضمان نزاهة العملية الانتخابية وسلامة اللوائح.
يكتسب هذا القرار أهميته من السياق الذي صدر فيه؛ حيث كان الطعن قد تقدّم به متقاضٍ سبق أن صدر في حقه حكم جنائي عام 2009، وقد حصل لاحقًا على العفو الملكي وقرار رد الاعتبار، لكنه لم يتمكن من استرجاع حقه في التسجيل ضمن اللوائح الانتخابية. وقد رفضت المحكمة الإدارية طلبه، مؤيدة بذلك قرار لجنة التسجيل، لتؤكد محكمة النقض صحة هذا الموقف القانوني.
يمكن القول إن هذا الاجتهاد يعكس حرص المشرع والقضاء على حماية نزاهة الانتخابات من خلال وضع قيود واضحة على الأشخاص الذين سبق أن أرتكبوا جرائم، حتى بعد استفادتهم من تدابير العفو أو رد الاعتبار. كما يسهم في تعزيز اليقين القانوني بالنسبة للناخبين والجهات المنظمة للعملية الانتخابية، من خلال تحديد الحدود الدقيقة لحقوق الأفراد في المشاركة السياسية بعد إدانتهم جنائيًا.
وبناءً على ذلك، فإن قرار محكمة النقض يؤكد مبدأ أساسيًا في القانون الانتخابي المغربي: أن استعادة الحقوق المدنية والسياسية ليست تلقائية بمجرد الحصول على العفو أو رد الاعتبار، بل تخضع لمقتضيات خاصة تضمن حماية النزاهة الديمقراطية واستقرار اللوائح الانتخابية. وهو ما يجعل من هذا الاجتهاد مرجعًا هامًا لكل القضايا المشابهة مستقبلاً.