بدر شاشا
النفاق الاجتماعي غيروه ليصبح جميلاً بالذكاء الاجتماعي.في السنوات الأخيرة، أصبحت ظاهرة النفاق الاجتماعي موضوعًا مثيرًا للجدل في الوطن العربي. وهي ظاهرة تتجلى في التظاهر بما هو عكس الحقيقة لتحقيق أهداف شخصية، سواء كانت تلك الأهداف مهنية أو اجتماعية أو حتى سياسية. إلا أن ما قد يثير الانتباه في الوقت الراهن هو الطريقة التي يُعاد بها صياغة هذه الظاهرة بشكل ذكاء اجتماعي، مما قد يخفي الجوانب السلبية لهذه الظاهرة ويمنحها طابعًا إيجابيًا ظاهريًا.
النفاق الاجتماعي هو سلوك يتسم بالازدواجية في المعايير والمواقف. يتمثل في التصرفات غير الصادقة أو التحدث بما يتناقض مع الواقع بهدف تحقيق مكاسب اجتماعية أو مهنية، أو حتى لتجنب مواجهة تبعات سلوك غير مقبول. في العالم العربي، نلاحظ أن النفاق الاجتماعي يتغلغل في العديد من المجالات، مثل العمل، العلاقات الشخصية، ووسائل الإعلام. وقد يتجسد في المجاملات المبالغ فيها، أو التظاهر بالتأييد لأفكار أو أشخاص لمجرد المصلحة.
ومع تطور المفاهيم الاجتماعية والنفسية، بدأ البعض في إعادة تسمية هذا السلوك على أنه “ذكاء اجتماعي”. في الواقع، الذكاء الاجتماعي هو القدرة على التفاعل بشكل إيجابي مع الآخرين، وفهم مشاعرهم واحتياجاتهم، بل والتأثير عليهم بطريقة متوازنة تعزز العلاقات الاجتماعية. لكن في بعض الأحيان، يُساء فهم هذا المصطلح أو يُستغل لتحقيق مكاسب شخصية من خلال التلاعب بالآخرين وتوجيههم نحو المصالح الخاصة.
الفرق بين النفاق الاجتماعي والذكاء الاجتماعي يتضح في النية والطريقة التي يتم بها التعامل مع الآخرين. بينما يسعى الشخص الذي يمتلك ذكاء اجتماعي إلى بناء علاقات حقيقية ومتوازنة، يعتمد الشخص الذي يمارس النفاق الاجتماعي على الخداع والتلاعب لتحقيق أهدافه الشخصية. في هذا السياق، قد يظهر النفاق الاجتماعي في شكل مجاملات فارغة أو التظاهر بتقديم الدعم للآخرين بينما في الواقع يتم التلاعب بهم لتحقيق مكاسب شخصية.الظاهرة الأكثر شيوعًا في هذا السياق في بعض البلدان العربية هي التظاهر بالتحالف مع أشخاص معينين أو مؤسسات لغايات سياسية أو مهنية، في حين أن النية الحقيقية قد تكون مجرد السعي لتحقيق منافع مادية أو معنوية. على الرغم من أن البعض قد يبرر هذا السلوك على أنه ذكاء اجتماعي إلا أن الحقيقة تبقى أن هذا التصرف يمكن أن يتسبب في تدمير الثقة بين الأفراد ويؤدي إلى انهيار العلاقات الصحية داخل المجتمع.
لكن إذا أردنا أن نتحدث عن الذكاء الاجتماعي بشكل إيجابي، يجب أن نركز على كيف يمكن للإنسان أن يستخدم هذه المهارة لبناء علاقات صادقة ومتينة، وأن يكون قادرًا على قراءة الإشارات الاجتماعية وتحديد متى يكون من الأفضل التحدث أو السكوت، متى يجب الدعم، وكيف يتجنب إلحاق الضرر بالآخرين لمصلحته الخاصة. وهذا يتطلب فهماً عميقاً لاحتياجات الآخرين ومشاعرهم دون أن يكون الهدف هو التلاعب أو استغلالهم.في المجتمع العربي، كما في العديد من المجتمعات الأخرى، يجب أن يتم التفريق بين النفاق الاجتماعي الذي يهدف إلى التلاعب والمكاسب الشخصية وبين الذكاء الاجتماعي الذي يرتكز على التفاعل الإيجابي والعلاقات المبنية على الاحترام والتفاهم المتبادل. إن إعادة تعريف النفاق الاجتماعي باسم الذكاء الاجتماعي قد يضلل الكثيرين، لذلك من المهم أن نكون حذرين في كيفية استخدام هذه المصطلحات وأن نبحث دائمًا عن السبل التي تضمن تكوين علاقات حقيقية ومستدامة، لا مبنية على الخداع أو المصلحة الشخصية نعم لمحبة الصادقة .