النقاش السياسي بالداخلة بين منطق السياسة وعبث “الدجف”

هيئة التحرير4 مايو 2025آخر تحديث :
النقاش السياسي بالداخلة بين منطق السياسة وعبث “الدجف”

من المؤسف فعلاً أن يصل مستوى النقاش السياسي بجهة الداخلة وادي الذهب إلى درجة من السطحية والعبث، لم يعد معها أي مجال للجدية أو العمق، خصوصاً حين يكون الظرف يستدعي نقاشاً مسؤولا وتحليلاً عميقاً، فبدل أن يُفتح حوار ناضج حول مضامين المؤتمر الجهوي لحزب التجمع الوطني للأحرار الذي انعقد أمس، وما تضمّنته المداخلات من إشارات ورسائل سياسية تستحق التوقف، اختار البعض الغرق في مستنقع ما يعرف محلياً بـ”الدجف”، نقاشٌ سطحي يتمحور حول “هذا علاه لبسوه دراعة وهاذي علاه لبست ملحفة، وذاك علاه شوين وأنت مالْ اموك مزغب وذاك حضر بسيارته وذاك امتطى دراجة نارية، وكأننا أمام استعراض أزياء لا محطة حزبية سياسية لدى حزب سياسي له كلمته في الساحة.

هل نحن غرباء على هذه المدينة؟ أم أن البعض يتعمّد استغباء الرأي العام، عبر إفراغ النقاش من مضمونه وتحويله إلى ما يشبه سوق النميمة السياسية؟ هذا النوع من النقاش لا يخدم الديمقراطية المحلية، ولا يرقى إلى تطلعات ساكنة تنتظر حلولاً لقضاياها الاجتماعية والاقتصادية، في مقدمتها ملف القوارب المعيشية الذي ظل لعقود كرة نار تتقاذفها الأطراف السياسية دون جرأة الاقتراب منه.

ما وجب مناقشته اليوم، ليس شكل المؤتمر ولا من حضر أو كيف حضر، بل وجب طرح أسئلة سياسية جادة..هل كان التجمع الوطني للأحرار، كحزب يقود الحكومة وله حضور في المجالس المنتخبة جهوياً، في مستوى الثقة التي منحته إياها الساكنة؟ هل أحسن اختيار مرشحيه في الانتخابات الماضية؟ وهل أدّى المنتخبون مهامهم كما يجب؟ ما الذي تحقق فعلاً؟ وما الذي تعطل؟ ومن عرقل؟ وأين تقع مواطن الخلل؟

للأسف، تُقحم في النقاشات السياسية الجهوية، أصوات تفتقد للرصانة الفكرية والسياسية، وتتبنى أساليب مائعة، لا تسعى إلى تقويم الأداء ولا إلى رفع منسوب الوعي العام، بل تشتغل بعقلية الحسابات القديمة، وتحتكم لعاطفة غير متزنة، أو لهدف شخصي محض، والغريب جدا وهذا ليس وليد اليوم بل عشناه لسنوات خلت ان هؤلاء يمارسون نوعاً من الوصاية السياسية على الآخرين، وكأنهم مُكلفون بإصلاح المجتمع، بينما يفسدون النقاش السياسي ويشوّهونه.

الانتقاد مهم، بل ضرورة، حين يكون عقلانياً ومبنياً على معطيات وتحليل موضوعي ، أما حين يتحول إلى “دجف”، فذاك مجال يليق فقط بمن قرر أن يكون على هامش الفعل السياسي، لا في صلبه،بل ان “الدجف”هي مهنة حصرية لفئة يكفي ان ترامب وبقدر جنونه اختار عدم الاعتراف بها وبنقاشاتها.

ومن زاوية رأي، قد تكون صائبة أو ربما لا، فإن ما قام به التجمعيون هذه المرة بالداخلة، يستحق التوقف،
أولاً، بجرأة التقدم خطوة إلى الأمام في ملف حساس وشائك، وهو ملف القوارب المعيشية، الذي لم تجرؤ أي جهة سياسية على فتحه بصدق،بالرغم من ان التيارات السياسية بالجهة سبق لها ان عقدت محطات ومؤتمرات حزبية كبيرة بحضور وزراء في الحكومة وفي مكاتبها السياسية ولهم علاقة مباشرة وغير مباشرة باهل الربط والحل مركزيا، اما ثانياً، فبترجمة التزاماتهم إلى أفعال داخل المجالس التي نالو فيها ثقة الساكنة، عبر رئاسة وتسيير وتدبير، مع ما لذلك من رمزية ومؤشرات على بداية فعلية لتفعيل برامج واقعية.

صحيح أن الطريق ما تزال طويلة، والتطلعات كبيرة، لكن لا يمكن إنكار أن الانطلاقة هذه المرة أكثر اتزاناً ووعياً، ومن واجب من يريد ممارسة السياسة أن يناقش المنجزات والإخفاقات، لا أن يستغرق في تفاصيل تافهة تقودنا جميعاً إلى المجهول.

الدجف ليس سياسة، و”التحليل بالشكل” لا يبني جهة، والسياسة بالجهة المنكوبة تبقى أكبر من ملحفة ودراعة وموطور ونعايل واسواقا في هذا وذاك، الداخلة تستحق نقاشاً في مستواها، لا مشادات تشبه زوايا المقاهي الشعبية.

وفي الاخير ذكًِر فان الذكرى تنفع المؤمنين، الحسد اراهو ماهو شي ولا زاد بلغة البيظان گالو عن الحسد سوْ

ابراهيم سيد الناجم

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة