يعرف المشهد السياسي والحزبي بالداخلة أزمة حقيقية، داخل مكونات الأحزاب الممثلة في المجالس المنتخبة ، والتي تعاني من الضعف والوهن ، حيث أصبحت خدمة المصلحة العامة غائبة عن الساحة ، وبات توجه أغلب الأحزاب السياسية إلى محطة الاستحقاقات الانتخابية الجماعية والجهوية المزمع إجراؤها في الثامن من غشت ، هافت وبجسد منهك نتيجة للحروب الداخلية بين تيارات متصارعة حول «كعكة» المناصب . فعلى خلاف الصراعات التقليدية التي كانت سببا في انشقاق الأحزاب التقليدية الإدارية منها أو التي تسمي نفسها الأحزاب الوطنية والديمقراطية، والتي كانت تدور حول الأفكار والتوجهات الإيديولوجية، فإن الصراعات التي تعرفها الأحزاب بالداخلة اليوم، هي في جوهرها صراعات بخلفيات شخصية وتدور حول مواقع القيادة والحفاظ على المصالح.
فإذا كان، في السابق، يتمرد الأعضاء على قيادة أحزابهم ويلتفون حول قائد الانقلاب أو زعيم التمرد الذي يطرح أفكارا جديدة أو توجهات سياسية تختلف عن توجهات القيادة الحزبية، فإن تقاطع المصالح الشخصية الضيقة هو ما يخلق الولاء للزعيم في الوقت الراهن، مع تعدد أشكال الريع السياسي التي أصبحت تفتح أبوابها في وجه كل الطامحين والمتسلقين إلى مواقع متقدمة من القيادة داخل المجالس وبألوان حزبية مختلفة ، ذلك وبطبيعة الحال في تغييب تام للديمقراطية الداخلية للأحزاب السياسية ، وغياب الأساليب المتاحة للمشاركة من خلال وضع ضوابط قانونية للعمل الداخلي الحزبي تتضمن قواعد اختيار المرشحين للانتخابات والمنافسة الداخلية للمناصب القيادية، كي يتم وضع حد للنزيف الذي بات يطبع المشهد السياسي بشكل عام ، رغم إقرار ضوابط ضمن قانون الأحزاب السياسية ، إلا أن غياب الثقافة الديمقراطية داخل معظم الأحزاب يجعلها مجرد حبر على ورق.