بنظرة سوداوية لواقع قاتم يستقبل العمال عيدهم الوطني ( عيد الشغل) ؟

هيئة التحرير30 أبريل 2023آخر تحديث :
بنظرة سوداوية لواقع قاتم يستقبل العمال عيدهم الوطني ( عيد الشغل) ؟

بقلم : أحمد بنمبا

لا يختلف إثنان أن عيد الشغل ، بات ذكرى سنوية ومناسبة تأملية لواقع الشغيلة في جميع أنحاء العالم ، فهي لحظة استحضار و وفاء للمخلصين من أبناء الوطن من عمال وموظفين ، ولحظة تأمل كذلك في كل الحركات الإحتجاجية المطالبة بحقوقها ، والتي غالبا ما يكون سببها ظلم و طغيان رب عمل في وجه عامل، ولحظة تأمل حقيقية لواقعنا من جانب أخر ، حين يشعر الانسان أنه لا شرف له، و لا حق له في العيش الكريم، و أن من يجب أن يحميه يسكت عن ظلمه، عندئذ فقط يستوعب العامل أن من كلفو أنفسهم بحماية حقوقه ومكتسباته هم من يدمرونه ويحطمون طموحاته ، وهنا يجب الوقوف على مسألة مهمة هو أنه ليس على أرباب العمل أن ينهضوا بالعمال، و لا على الدولة أن تنهض بهم ، بل قبل هذا و ذاك، هناك عنصر أكثر أهمية و أكبر قيمة و أكثر قدرة على أداء واجب الاثنين معا مع أداء واجبه، يسمى “النقابات” ، فعلى هذا الطرف الأخير تقع مسؤولية احترام أرباب العمل للعمال، و اعطائهم حقوقهم و العمل على ضمان شرفهم، و كرامتهم ، و عليه هو فقط تقع مسؤولية ضمان حقوقهم عند الدولة.

النقابات هم مربط الفرس، هم مكان الحل و هم المشكل، هم الداء و فيهم الدواء، كجناحي ذبابة، على ضعفهم و تشتتهم جانب في طرف و آخر في طرف، فهم من يسبب الداء و هم من يتسبب في الشفاء.

إن الناظر لحال العمال في أي وقت يجدهم بلا معين و لا سند، يجدهم قاسو أهوال العمل و شدته، و هم يعملون بلا كلل و لا ملل ابتغاء دريهمات يرميها لهم رب عمل بخيل، فلا تبقى في عيون الناظرين إلى حالهم دمعة إلا و انهمرت، اللهم إلا إذا كانت في عيون قساة القلوب.

العمل بطبعه جزء من العبادة و جزء من الحياة، لكن العمل بلا مردودية و لا تطور للإنسان، عبودية اقتصادية مبنية على الظلم و الغبن و امتهان لكرامة الانسان، خلافا لما خلقه له ربه و ما انعم عليه به من اكرام ينبغي على رب العمل “المسلم” أن يوليه عناية خاصة.

عيد الشغل ، و ما أدراك ما عيد الشغل، نفس المطالب تتكرر و إن لم تكن نفسها فلسان الحال يقول دائما عند كل عيد ، زادت مطالبنا و لم تنقص و لم يتم التجاوب معها ، و لم توفر الدولة أي ضمانات للعمال سوى بضع سيارات شرطة تحرس المطالبين بحقوقهم ، سواء المفصولين منهم أو المطالبين بحقوقهم و فهموا أن الدولة تغض الطرف عنهم، و أن النقابات كفيلة بها دريهمات توزع بين نقابات التخاذل و التشرذم التي تهيمن على المشهد بشكل صوري.

عيد الشغل ، بدل أن تستحضر فيه المؤسسات المشغلة إنجازاتها الكبيرة في مجال تطوير الموارد البشرية و تكوينها و إيجاد أرضية مناسبة للعمل مؤسسة على الكرامة و الشرف، بدلا عن ذلك ، تكتفي بشراء “لافتة” كتب عليها، مؤسسة “كذا و كذا” تحتفل بعيد الشغل .

و ليس هناك من محتفل بعيد الشغل أكثر من المكلفين بحقوق العمال ، لأنه بالنسبة إليهم يرمز فقط لنصرهم على العامل المسحوق، نصر مرتكز أساسا على هضم الحقوق و التلاعب بامالهم وتطلعاتهم.

ٱن عيد الشغل في عموميته العمال لا يحتفلون به ، بقدرما يستحضرون مآسيهم و الويلات التي جلبها لهم هذا العيد ، والمتمثلة في العمل الدؤوب من أجل أن يكسب على ظهورهم رب العمل، قدر شبع أنانيته و جحودا لمجهوداتهم و قدر تلاعبه بحقوقهم و تآمره مع نقاباتهم على تكميم الأفواه و العمل على انحطاط معنوياتهم في كل عيد لهم ، فعيد الشغل هذا ، أقرب هو لعيد المشي بين مقر العمل و وسط المدينة او ضواحيها ، فهو في نظر العمال مجرد أضحوكة لأرباب عمل سدفعون الثمن ذات يوم، حين يتمكنو من فهم قيمة النقابات التي تمثلهم و تلك التي لا تمثلهم ، وحين يعو جيدا حقيقة أن أكثر من يمنعهم من حقهم هم النقابات أولا و قبل كل شيء.

إن عيد الشغل ، ذكرى نستحضر من خلالها أن ترسانتنا القانونية لم تتعدى تلك النصوص البالية التي مضى عليها نصف قرن و لم تعرف تطويرا لجعلها تتناسب و ضرورات كل مرحلة من مراحل الحياة، فهي ذكرى تجعل العامل يتذكر أن الاتفاقيات الجماعية مصيرها معروف .

عيد الشغل ، سواء سميناه بإسمه أو أطلقنا عليها اسم العيد الوطني او الدولي للشغل، فهو مجرد يوم واحد يعتبره رب العمل يوم عطلة غير معوضة “و لله الحمد” مجرد ذكرى تجمع العمال يتذكروا ما فات من عمرهم الجميل في سبيل خدمة رب عمل ، ويهتفون من خلاله بشعارات ورثوها من من سبقوهم في العمل وانتهى بهم الزمن يسددون فواتير الأمراض والعوز .

عيد الشغل ، في عيون العمال مجرد أكذوبة صباحية ينبغي أن يختتم بها شهر أبريل و“كذبته الشهيرة”، فمن خلالها ، يمكن فهم أن شهر ابريل انصرم لكن الكذب سيتواصل على مرأى و مسمع من الدولة و البلد الوحيد الذي يمكن لنقاباته و عمال مؤسساته أن لا يتعبوا أنفسهم كل عام في تحضير لافتات جديدة، لأنهم ببساطة يمكنهم استخدامها دائما، لأنه و للأسف لم تلبى أي مطالب لهم و “لن” تلبى بإذن الله.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة