في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يشهدها المغرب، أثيرت قضية رفع سن التقاعد إلى 65 سنة للقطاعين العام والخاص، وهو إجراء يهدف إلى الحفاظ على استدامة صناديق التقاعد التي تواجه ضغوطًا مالية متزايدة. لكن هذا القرار يثير تساؤلات حول مدى خدمته للمواطن المغربي مقابل حماية الصندوق، وما إذا كان العامل قادرًا على العمل بكفاءة وتفاني حتى هذا العمر ام سيذهب ليحضر جسديا وغائب عقليا
التحديات المالية لصناديق التقاعد :
تعاني صناديق التقاعد في المغرب، كما هو الحال في العديد من الدول، من أزمات مالية بسبب شيخوخة السكان وزيادة أعداد المتقاعدين مقارنة بعدد المساهمين. رفع سن المعاش يُعد خطوة استراتيجية لزيادة فترة الاشتراكات وتقليل فترة استحقاق المعاشات. من هذا المنظور، يبدو أن القرار يخدم مصلحة الصندوق بالدرجة الأولى، إذ يقلل الأعباء المالية ويؤخر صرف المعاشات لفترة أطول. المواطن بين ضغوط العمل ومتطلبات الحياة بالنسبة للمواطن المغربي، العمل حتى سن 65 يطرح تحديات كبيرة، خاصة في القطاعات التي تتطلب جهدًا بدنيًا مثل الفلاحة، البناء، وبعض المهن اليدوية. مع تقدم العمر، تتراجع الكفاءة الجسدية والنفسية للإنسان، مما ينعكس على الإنتاجية والإتقان. في المقابل، هناك مهن إدارية أو فنية قد تسمح للفرد بمواصلة العمل لفترة أطول.ولكن يظل السؤال: هل لدى كل مواطن القدرة على الحفاظ على الحافز والقدرة البدنية للعمل حتى هذا السن؟ للأسف، غياب برامج تأهيلية لدعم العاملين في أواخر مسيرتهم المهنية يزيد من الصعوبة. كما أن تدهور ظروف العمل في بعض القطاعات يضاعف العبء على العاملين المسنين.
انعكاسات اجتماعية وأسرية :
من جهة أخرى، رفع سن التقاعد قد يعيق فرص الشباب في الحصول على وظائف جديدة، مما يعمق أزمة البطالة بين الفئات الشابة. إذ إن استمرار كبار السن في العمل يعني تأخير إحلال العمالة الشابة محلهم، وهو ما يخلق فجوة اجتماعية واقتصادية.
بدائل ممكنة :
بدلاً من الاعتماد على رفع سن التقاعد كحل وحيد، يمكن التفكير في بدائل مثل ؛
تنويع مصادر تمويل الصناديق من خلال تحسين إدارة الاستثمارات وضمان المساهمات العادلة ؛ مرونة التقاعد بالسماح بالتقاعد المبكر وفق شروط خاصة أو العمل الجزئي لكبار السن ؛ تحسين ظروف العمل من خلال توفير بيئة عمل صحية وتدريب مستمر لرفع كفاءة الموظفين مع تقدمهم في العمر ؛ رفع سن المعاش إلى 65 سنة يبدو حلاً ضروريًا لضمان استدامة صناديق التقاعد، لكنه يثير تحديات كبيرة للمواطن المغربي، خاصة في ظل ظروف العمل الحالية. لضمان نجاح هذا القرار، يجب أن يكون مصحوبًا بإصلاحات شاملة تضمن الحفاظ على كرامة العامل وتحسين بيئة العمل، إضافة إلى توفير بدائل تلبي احتياجات الجميع. الحفاظ على التوازن بين مصلحة المواطن ومصلحة الصندوق هو التحدي الحقيقي الذي يتعين على المغرب مواجهته.